لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة
صفحة 1 من اصل 3 •
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:04
1- السحر المميت
ستريمز محطة صغيرة للسكك الحديدية , يتوقف القطار فيها فترة وجيزة جدا لا تكفي لنزول مسافر أو صعود آخر , جمعت سالي أوبريان أمتعتها بسرعة وهرعت نحو المخرج.
لم تلاحظ الرجل الذي كان يتوجه ألى المكان ذاته , وكأنه على غير عجلة من أمره , حملت حقيبتها الكبيرة ووضعتها قرب الباب , ثم عادت لتحضر الكيس المنتفخ الذي تضع فيه الأشياء الضرورية , رفعته , وأستدارت للتوجه ثانية نحو باب المحطة , فأصطدمت بالرجل الذي تحرك من مكانه في اللحظة ذاتها , وقع الكيس الثمين من يدها , وتدحرج بضعة أمتار بعيدا عنها , شهقت بأنفعال شديد وأسرعت لألتقاطه , فيما كان القطار يبدأ أنطلاقه بسرعة نحو وجهته التالية .
حضنت الكيس بين ذراعيها , ونظرت ألى الرجل الصامت بعينين زرقاوين تنفثان لهبا حارقا , وقفت أمام ذلك الأنسان الطويل القامة , وقالت له بلهجة حادة :
" أعتقد أن من واجبك تقديم الأعتذار عما حدث !".
وجّه الرجل نظرات ساخرة ألى وجهها المتعب الذي لفحته الشمس , وقال لها ببرودة :
" أنوثة غاضبة في قلب منطقة وعرة ؟ الغريب في الأمر أنني أنتظرت منك تقديم الأعتذار".
زادت حدة غضبها بسبب تصرفه المزعج وقالت له بعصبية :
" مني أنا ؟ كدت أفقد بعض أمتعتي الثمينة , وأنت تتوقع مني الأعتذار ".
" تسرعك وحده هو السبب".
تأمل وجهها الذي زاده الحنق أحمرارا , ثم حول نظراته الساخرة ببطء شديد نحو بقية جسمها النحيل الجذاب , وعندما نظر ثانية ألى عينيها الجميلتين , أبتسم وقال بلهجة قريبة من التهكم :
" يبدو لي أن الصبر ليس أحدى فضائلك المتعددة , وعليه فلن أذكرك بأنك أنت التي دفعتني ومسؤولة بالتالي عن تقديم الأعتذار ".
حاولت الرد عليه , ولكنه سبقها ألى الكلام قائلا بهدوء :
" هل تحتاجين ألى أية مساعدة ؟".
لو كانت الظروف طبيعية وعادية مع هذا الرجل , لكانت رحبت من صميم قلبها بسؤاله غير المتوقع , لكن لهجته المتغطرسة جعلت أحتمال قبول المساعدة أمرا مستحيلا , رفعت رأسها بشموخ وقالت له بنبرة جافة :
"لا , شكرا ".
لم يقل لها شيئا , بل حمل حقيبتيه الثقيلتين وأبتعد عنها بخطى ثابتة وقوية , رفعت نظرها عنه بصعوبة , فيما كانت تفكر بخطواتها المقبلة , هل كانت غبية عندما رفضت عرض المساعدة الذي قدمه ذلك الرجل ؟ لا..... طبعا لا , فقد كانت تعلم قبل توجهها ألى ستريمز أن عليها أيجاد طريقها بنفسها وبدون مساعدة أحد....... وخاصة من الرجال الأقوياء المتعجرفين.
سألها والدها بقلق قبل مغادرتها المدينة عما ستفعل لدى وصولها , وقالت لها أمها بحزن أنها خائفة من المضاعفات التي ستنجم عن قرارها الأنفعالي المفاجىء , أكدت لهما بلهجة هادئة وحازمة تصميمها على القيام برحلتها , بغض النظر عن المشكلة البسيطة التي ستواجهها في ستريمز عندما ستضطر للأستعانة بقطار أو بسيارة أجرة للوصول ألى المنطقة المسماة حوض التماسيح ..... حيث يعمل جون.
كانت الرحلة من المدينة البعيدة ألى ستريمز عادية جدا , وخلت من أي أحداث مثيرة أو مزعجة , فلماذا ستكون المرحلة المتبقية حتى حوض التماسيح مختلفة ؟ ليس عليها الآن ألا الأستفسار عن الوسيلة الفضلى لمتابعة طريقها.
تطلعت حولها علّها ترى الشخص المسؤول عن هذه المحطة الصغيرة الفقيرة , أو حتى أي أنسان آخر , فلم تشاهد أحدا , سارت أمام المبنى المتواضع , فلم تسمع صوتا أو حركة , أصبحت تلك المنطقة المنعزلة , بعد ذهاب الرجل المتغطرس , مهجورة بصورة تامة , شعرت سالي للمرة الأولى منذ مغادرتها بيتها بشيء من القلق , وتمنت بشكل عابر وسريع لو أنها قبلت مساعدة ذلك الرجل .
أنّبت نفسها لمجرد التفكير بمثل هذه الأمور , وأخذت تتأمل بأعجاب ظاهر السهول الخضراء الشاسعة الممتدة أمامها , سوف تتزوج جون وتعيش معه في هذه المناطق النائية , وستتعلم بالتالي كيف ستواجه المشاكل والصعاب , ستعلمها قساوة الحياة كيفية مجابهة العزلة والوحدة , عندما يمضي زوجها طوال النهار بعيدا عن البيت , ستضطر أحيانا لأتخاذ قرارات هامة بمفردها , لأنها قد لا تتمكن في بعض الأحوال الطارئة من أنتظار الزوج أو الأتصال به .
سمعت صوت الرعد وشاهدت الغيوم السوداء في السماء , فقررت التصرف بصورة عاجلة , وضعت علبة الحلوى تحت أبطها وحملت الحقيبة والكيس في يديها , ثم أجتازت بصعوبة الأمتار القليلة التي تفصلها عن الطريق , ولما تجاوزت الكوخ الصغير , الذي يستخدم على الأرجح كمكتب لمحطة السكك الحديدية , شاهدت بأرتياح بالغ عددا من البيوت القروية المتناثرة هنا وهناك على بعد حوالي خمسمئة متر ....... لم تعد وحدها ...... مع أن حقيبتها الكبيرة سترهقها ألى درجة كبيرة قبل تمكنها من الوصول ألى أقرب تلك البيوت.
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:06
[list=posts]
[*]
ربما كانت امها على حق عندما وصفتها بالانفعالية ... وكذلك الرجل المعتد بنفسه الذي اتهمها بانها متسرعه ولا تعرف الصبر والاناة . ألم يكن من الافضل لها الآن مثلا ان تكون جالسة في سيارة جون
تتحدث اليه عن المستقبل السعيد ؟ طبعا .... ولكن جون لا يعلم بوجودها هنا , لأنها تعمدت الوصول الى مكان عمله بصورة مفاجئة .
وهذا ما سيحدث بالضبط ! اين هي اذن المغامرة المثيرة التي تنتظرها منذ فترة طويلة ؟ رفعت راسها بشموخ وشجاعه , وسارت نحو تلك القرية ,
اوه يالسعادتها بماسيحدث لاحقا ! سيفاجأ جون بوصولها ..... واكثر من ذلك بفستان العرس الذي تحمله في كيسها اوه , الفستان ! قد ينهمر المطر في أي لحظة
ويتعرض الفستان للبلل . منحها خوفها عليه قوة جديدة في رجليها المتعبتين قليلا وذراعيها المنهمكتين , فأسرعت الخطى بعزيمة واصرار .
وصلت الى القرية خلال دقائق معدودة , وتوجهت فورا الى مبنى بدا وكانه فندق صغير , فتحت الباب , فوجدت البهو الضيق خاليا . دقت جرسا قديما موجودا على طاولة خشبية مستطيلة
فحضر شاب في الـ20 من عمره تبدو على وجهه ملامح البساطه والذهول . هز رأسه بمزيد من الدهشة والاستغراب , عندما سألته عن كيفية الانتقال الى حوض التماسيح .
قال لها انه لاتوجد قطارات من ستريمز الى تلك المنطقة . سيارات اجرة ؟ الجواب السلبي ذاته ....
" الا توجد سيارات ركاب كبيرة ؟"
" واحدة فقط , وتمر من هنا مرتين كل اسبوع .... الثلاثاء والجمعة ".
شعرت بيأس وقنوط وتساءلت بصوت حزين :
" كيف سأذهب اذن ؟ رباه ما هذه المشكلة !".
"عليك الانتظار حتى يوم الجمعة" .
كيف تنتظر يومين كاملين في هذه البقعة النائية , وماذا ستفعل اثناء ذلك , هل تتصل بخطيبها وتخبره عن ورطتها ؟ لن تكون المفاجأة المزدوجة كامله , ولكن الاتصال به الآن هو الحل الوحيد .
"هل يمكنني اجراء مكالمة هاتفيه من المركز الرئيسي لمنطقة حوض التماسيح ؟"
"آسف يا آنسة ".
هزت رأسها وهي لا تصدق ما سمعته اذناها , ثم قالت له بلهفة وتأثر :
" انا متأكده من وجود مركز للهاتف هناك !"
" صحيح يا انسة , ولكن العاصفة الهوجاء التي هبت قبل ايام قليلة قطعت جميع خطوط الاتصال الهاتفية ".
"رباه ! هل .... هل لديكم غرفة شاغرة حتى يوم الجمعة ؟".
لاشك في انها بدت مرهقة وحزينه للغاية , والا فكرت تبرر مسارعة ذلك الشاب الكسول لحمل حقيبتها الى الغرفة الصغيرة المتواضعه التي ستقيم فيها .... يومين كاملين !
استلقت على السرير الخشبي القديم , واخذت تفكر بأفضل طريقة لتمضية هذه الفترة الطويلة .
تذكرت ان عليها مواجهة الصعاب , وهذه هي تجربتها الاولى . ذهبت الى النافذه لتلقي نظرة الى الخارج , فلاحظت ان السماء سوداء وحزينه والبرق يلمع ويهدد بمطر غزير , والرياح تصفر وتعصف منذره متوعده .
لن تغادر الفندق الصغير هذا اليوم , ولكنها قد تذهب غدا الى احد الجداول التي سميت المنطقة تيمنا بها .... اذا كان الطقس ملائما .
استحمت واستبدلت ثيابها , فشعرت بارتياح نفسي كبير شجعها على استخدام بعض مستحضرات التجميل التي تحملها في حقيبتها .
لن يراها احد على الارجح سوى ذلك الشاب المسكين الذي لا يهمها ابدا كيف تبدو امامه وكيف ينظر اليها . ولكن سالي اوبريان لم تصل الى الـ23 من عمرها قبل اختبار امر بالغ الاهمية
وهو ان المرأة غالبا ما تشعر حسبما تبدو للاخرين .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رد مع اقتباس
[*]
01-30-2012, 12:29 PM
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الراوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رد: رواية لا شيء يهم ! – للكاتبه / روزميري كارتر - قصة لا شيء يهم !
انتهت من التبرج , فأعجبتها النتيجة الى درجة كبيرة واحست بارتفاع محسوس في معنوياتها , ابتسمت للصبية الحلوة التي تراها امامها في المرآة ثم حيتها بمرح وسرور .
وغادرت غرفتها , لم تجد احدا في المطعم الصغير , الذي بدا نظيفا وفقير الاثاث كغرفتها , ولكن قررت البقاء فيه بعض الوقت ... أنه اكبر قليلا من المكان الذي ستنام فيه .
اختارت احدى الطاولات القريبة من النافذة وفتحت احدى المجلات . لاحظت في صفحة المحتويات دراسة عن تربية الحيوانات ومعالجتها امراضها .
فبدأت تقرأها باهتمام بالغ . هذه هي طبيعة عمل خطيبها وسوف تحظى بجانب كبير من وقتها في المستقبل القريب , انه يحب الحيوانات بشكل مذهل
وقد تعمدت منذ صغرها الاطلاع على كل ما يتعلق بهذه المخلوقات كي تتمكن من تمضية اطول وقت ممكن قرب جون والتحدث معه في المواضيع التي يحبها ويفضلها
وفيما كانت غارقة في قراءة تلك الدراسة التحليلية سمعت رجلا يسألها :
" هل تمانعين في انضمامي اليك ؟".
رفعت رأسها نحو الرجل الواقف قربها . فحل الأرتياح محل التوتر وتحول العبوس الى ابتسامة . كان شابا وسيما بهي الطلعة , ذا عينين خضراوين جميلتين , قالت له مرحبة :
" اهلا وسهلا تفضل . كنت على وشك الاقتناع بانني النزيل الوحيد في هذا المكان" .
ابتسم لها بطرقة جذابة ومهذبة , ثم قال :
" لو حدث ذلك فعلا , لكان مؤسفا للغاية ! سيبدأ النزلاء الاخرون بالوصول خلال فترة قصيرة , فهذا المكان مخصص تقريبا للجوالة ".
منتدى ليلاس
لاحظ نظرة الاستغراب في عينيها , فأوضح قائلا:
" اعني الباعة الجوالة , اذ اننا نمضي الليل هنا قبل متابعة سفرنا الى امكنة اخرى , ماذا تشربين ؟"
" عصير ليمون , شكرا ".
" هل انت متأكدة من ذلك . اعني انك فتاة كبيرة و ....." .
قاطعته قائلة بتهذيب حازم :
" عصير ليمون ".
رفع حاجبيه بصورة تدل على الدهشة والحيرة , ولكنه ابتسم وقال :
" انثي قوية الشخصية وعنيده ... ولكنها جميلة , جميلة جدا ! هل من مجال لأقناعك بشيء اخر ؟".
ضايقها سؤاله واصراره , ولكنها اخفت انفعالاتها بأتسامه رقيقه عذبة وقالت :
" الم تقل انني قوية الشخصية وعنيده ؟".
" وانا ايضا !خففي من عنادك قليلا , ايتها الفتاة الجميلة , فلدينا وقت طويل جدا حتى الصباح ويمكننا تمضيته في اللهو والمرح" .
حاولت سالي التصرف بهدوء بعيدا عن الانفعال والغضب , فقالت للشاب الذي يجلس قربها :
" شكرا , لكنني سأكتفي بكوب من عصير الليمون" .
تأفف الشاب بصوت مرتفع نسيبا , وطلب لها كوب العصير ولنفسه شرابا لم تسمع باسمه من قبل . راقبته وهو يفرغ محتويات كوبه جرعة واحده , وسألته بهدوء مميز :
"ماذا تبيع , يا سيد ... اوه , اعتقد انني لا اعرف اسمك ".
" كروجر. مارني كروجر انت سالي اوبريان . قرأت اسمك في سجل النزلاء ".
شعرت انها بدأت تتضايق منه بصورة فعلية . ولكنها قررت عدم التسرع في أعلان الحرب عليه . قررت تحويل أفكارها الى أمور متعلقه به , فسألته مرة اخرى :
- ماذا تبيع , يا سيد كروجر ؟
وضع ذراعه على كتفها وقال :
" ثياب داخلية للنساء . هل تحبين القيام بدور عارضة ازياء امامي , ولو لمرة واحدة ؟".
كيف ستواجه هذا الشاب التافه , الغضب العارم , وطبيعتها الاندفاعيه تطالبها برد سريع يناسب التصرف الرخيص الطائش .
انها انسانة طيبة لا تحب الحاق الاذى بالاخرين , ولكنها تكره الاستفزاز والتحدي . نظرت اليه بعينين قاسيتين , واجابت بصوت منخفض :
" دعني وشأني , يا سيد كروجر ! اتركني من فضلك" .
اختفت الملامح الصبيانية البريئة من ابتسامته ونظراته , وتحولت الى نار ملتهبة . ضغط على كتفها , وقال :
" لا تمانعي كثيرا , يا سالي ! تصورت اننا سنمضي معا فترة لهو رائعة يافتاتي الجميلة !".
حاولت تحرير كتفها من قبضته , ولكن اصابعه غرزت بعنف في مكانها . رفعت رأسها بشموخ وعنفوان قائلة :
" ارفع يدك عني , يا سيد كروجر , والا ....".
أطبقت يده الاخرى على فمها بسرعه هائلة لمنعها من الصراخ , فيما كان ينظر اليها والشرر يتطاير من عينيه . اختلط غضبها بالخوف والذعر ....
فمن سيهب لنجدتها حتى اذا تمكنت من الصراخ طلبا للنجدة ؟ قد يسمى هذا النزل الصغير فندق الباعه الجوالة ولكنه يبدو واضحا ان كروجر هو البائع الوحيد الذي ينزل فيه .
هل يعقل ان يساعدها ذلك الموظف الهادئ , مجازفا بأغضاب نزيل يعرفه منذ فترة طويلة ويستفيد منه بصورة شخصية ؟ لا لن يفعل ذلك ....
وعليها بالتالي الاعتماد على نفسها ومواجهة الصعاب بالوسائل المتاحه لديها .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رد مع اقتباس
[*]
01-30-2012, 12:30 PM
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الراوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رد: رواية لا شيء يهم ! – للكاتبه / روزميري كارتر - قصة لا شيء يهم !
حصرت كل قوتها وحنقها في أسنانها , وعضت تلك اليد القذرة بعنف لم تحلم ابدا انها قادرة عليه , صرخ الرجل من شدة الالم وأبعد يده الجريحة عن فمها .
استغلت تلك اللحظة المناسبة وركضت نحو الباب بأقصى سرعتها , ولكنه كان اسرع منها , فأمسك بها وادارها نحوه بقساوة بالغة . يا لتلك النظرات السامة الحاقدة !
رفع يده لينهال على وجه سالي الشاحب , ولكن ذراعا ضخمة قوية أنقّضت فجأة على وجه المعتدي بلكمة عنيفة طرحته ارضا وفجرت الدماء على شفتيه .
اطلق كروجر الشتائم القبيح’ واستعد للوقوف والمواجهة , لكنه تسمر في مكانه عندما شاهد وجها كأنه قد من صخر , ونظرات التهديد والوعيد تنطلق كالسهام القاتلة من عينين باردتين فولاذيتين .
وفيما كان الرجل العملاق يرفع مارتي بيد واحدة , لاحظت سالي بذهول شديد ان منقذها لم يكن الا المتغطرس الذي اصطدمت به في المحطة .
قال كروجر لمهاجمه بلهجة تشتعل غضبا وانفعالا :
" ماذا تفعل يا رجل ؟".
" أمنع وقوع حادثة قبيحة" .
تأمل كروجر يده الدامية وآثار اسنان سالي , التي لا تزال بادية بوضوح , وصرخ بحدة :
"اللعنة ! التافهة ! انظر كيف عضتني !".
هزه الرجل بقوة وقال :
" اياك من التمادي في كلامك !".
ثم ابعده عنه باحتقار واضاف قائلا :
" انا متأكد من انها اضطرت للقيام بذلك , نتيجة الأستفزاز والتصرفات السيئة ".
أحست سالي أن كروجر لن يرد بشيء , أو حتى ان يلجأ الى الكذب والأفتراء , لأن الذراع الحديدية للرجل الآخر افزعته وارعبته . فتح فمه , واغلقه ثانية , ثم نظر الى سالي بعصبية ظاهرة ... وغادر القاعة .
" شكرا , انقذتني من .... ".
" من مصير اسوأ من الموت ؟ لا , لم تعد الامور سيئة الى هذه الدرجة في عصرنا الحالي , يمكنك القول انني انقذتك من مشكلة مزعجة ".
أرادت الرد عليه بأنفعال , ولكنها ترددت لحظة ثم قررت الأمتناع كليا عن ذلك ... اذ ليس لديها في الوقت الحاضر أي حليف سواه , قالت له بهدوء :
" سمحت له بالجلوس معي , عندما طلب مني ذلك بتهذيب فائق . لم اكن لأتصور ابدا انه يفكر بأكثر من مجالستي ودعوتي الى مشاركته كوبا من العصير ".
" لا توجهي اللوم الاّ لنفسك" .
هل قال لها حقا هذا الكلام السخيف , ام انها تتخيل ذلك ؟
نظرت اليه فرأت انه يتأملها بهدوء وبرودة فيما تعلو شفتيه الجذابتين أبتسامة رقيقة . تذكرت تصرفه القاسي معها في محطة السكك الحديدية , فقالت له بأنفعال شديد :
" توحي كلماتك هذه بانك تعتبرني فتاة سيئة السمعه !".
ضحك بصوت مرتفع , وقال بلهجة هازئة :
" معظم اللواتي تتحدثين عنهن هن اكثر دهاء وحنكة منك . لا يا آنسة اوبريان , لم اقصد الأيحاء بذلك ابدا , ما عنيته بالضبط هو انك تعرضين نفسك لمواقف مزعجة وصعبة , لأنك لا تعيرين أي اهتمام على ما يبدو لكونك شابة رائعه الجمال , تسافر وحدها بدون رفيق . هل انت في الـ18 من عمرك ؟".
" عمري 23 سنة يا سيد !".
" اذن , انت شابة متقدمة واعية ! كنت أتصورأن فتاة بمثل سنك ستفكر أكثر من مرة قبل أرتداء ثياب سهرة والتبرج , على هذا الشكل لمجرد الجلوس في فندق للباعة الجوالة .... ما لم تكن مستعده للتحرش والمغازلة , أو راغبة فيهما" .
هل تصفعه على وجهه بالقوة ذاتها التي لكم فيها الرجل الآخر ؟ لا , يكفيها عنف هذا اليوم ! رفعت وجهها نحوه بعزة وقالت له بهدوء :
"لن يتكرر هذا الأمر ثانية , سأتوجه الآن على الفور ألى غرفتي" .
" يجب عليك أولا تناول طعام العشاء , ما رأيك لو أكلنا معا ؟:
شعرت بشيء من الأرتياح , لأن وجود رجل قوي الشخصية والبنية معها سيضمن عدم تحرش احد بها , ولكن قد يفسر قبولها لدعوته بصورة خاطئة . لذلك قالت له :
" لست متاكده من أنني أريد ذلك ".
" وهل تفضلين أهتماما من نوع آخر , كالذي أبداه صديقك ؟".
نظرت اليه بتحد وسألته بشيء من الانفعال :
" وماذا يهمك من أمري , أو بما سيحدث لي ؟ ألم تقل بنفسك أنني المسؤولة عما يجري ؟".
اجبها بلهجة باردة وهادئة :
" لا يهمني أمرك أبدا يا آنسة , ولكن مالك الفندق صديقي وأهتم لأمره , انه الآن في المستشفى ولن يكون سعيدا البتة اذا وقع في فندق حادث قبيح تنعكس نتائجه على سمعة الفندق" .
ثم امسك بذراعها , وأضاف قائلا :
" هيا , يا آنسة اوبريان , لننقتل الى طاولة الطعام ".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رد مع اقتباس
[*]
01-30-2012, 12:32 PM
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الراوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رد: رواية لا شيء يهم ! – للكاتبه / روزميري كارتر - قصة لا شيء يهم !
أزداد غضبها وحنقها بسبب هذه الغطرسة , التي لم تعرف لها مثيلا من قبل . ولكنها مضطره لتهدئة غضبها , ولو لهذه الفترة على الأقل ,لأن كلامه يحمل الكثير من الصحة .
فالحادثة التي وقعت مع كروجر أزعجتها وأرعبتها ولم تعد بالتالي قادرة على تحمل المزيد من المضايقات أو المشاكل . وجود رجل كهذا معها من شأنه الحؤول دون وقوع حوادث مماثلة .
مشت معه نحو الطاولة الكبيرة فأزدادت اعجابا بقامته الطويلة وكتفيه العريضتين ... ورجولته الساحرة . ارتعش جسمها قليلا لمجرد التفكير بذلك ,ولكنها سارعت الى السيطرة على أعصابها وأستعادة رباطة جأشها . انه رجل متعجرف قاس , ولن تدع سحره الجذاب ينسيها هذا الامر .
في أي حال , هذه هي المرة الأخيرة التي ستراه فيها ... فأين المشكلة ! هزت رأسها بعصبية , وكأنها تحاول اقناع نفسها بطرده من افكارها , فلاحظ الرجل حركتها .... وضحك .
لم تسمع في حياتها صوتا أكثر اغراء وأثارة , وعاد الأرتعاش يهز جسمها ويقلق بالها .. سألته بصوت منخفض :
" هل فعلت شيئا يضحكك ؟".
" الى حد ما , فأنت على ما يبدو تستعدين لمواجهة هجوم اخر !".
" وهل أنت على وشك التعرض لذلك ؟".
تاملها لحظة فشعرت بسخافة سؤالها وندمت على توجيهه .
شاهدت في عينيه سخرية لاذعة وتوقعت منه جوابا قاسيا , ولكنه قال لها بلهجة مهذبة :
" لن تتعرضي الى أي هجوم مني , يا عزيزتي , فأنا لا اهاجم الاطفال" .
أثارها في رده بتلك الملاحظة المتعلقة بسنها , فقالت له بحدة بالغة :
" انا لست طفلة !".
ضحك مرة اخرى وقال :
" حقا ؟ ستقنعينني بصحة ذلك عندما تتصرفين كشابة ناضجة راشدة . هيا , اجلسي ".
لماذا يتحدث معها وكأنها طفلة صغيرة ؟ ترددت سالي لحظة بين الرفض والقبول .... بين الأعتراض والموافقة , لكنها قررت في نهاية الأمرأن تحديه سييثبت له عدم نضجها وسيزيد من أحتقاره لتصرفاتها الصبيانية
جلست الى الطاولة ببطء وتمهل , وأمضت فترة طويلة في دراسة قوائم الطعام التي لاتضم الا طبقين رئيسيين وعددا قليلا من المقبلات .
وعندما رفعت رأسها نحوه لاحظت انه كان يتأملها بعنيني ضاحكتين ... فالقائمة القصيرة لا تحتاج الا لنظرة واحدة . سألها اذا أختارت أنواع الطعام التي سيطلبها لها , فقالت :
" طبعا , سأبدأ بالحساء ثم ... كيف عرفت أسمي ؟ من سجلات الفندق ؟"
" طبعا .انت سالي أوبريان , وتقيمين هنا حتى يوم الجمعه . هل أنت عزباء كما أتصور , أم أنك تركت خاتم الزواج في بيتك ؟".
ردت عليه بحدة ومرارة :
" انا مخطوبة لرجل لايعتبرني طفلة . وبما أنني لم أزعج نفسي بقراءة أسماء النزلاء في هذا الفندق ,فهل لي ...." .
" اندريه كونورز" .
أبلغ الخادم عما يريدانه , ثم مضى يقول :
" ألا يعترض خطيبك على سفرك بمفردك في مثل هذه المناطق النائية ؟".
لماذا يصر على معاملتها كطفلة ؟ ستواجهه بسلاحه المفضل ... السخرية ! وجهت له ابتسامة عريضة , وقالت :
" انه لا يعترض ابدا على تصرفاتي . وانا الآن في طريقي اليه لكي .... نتزوج" .
" مبروك , لا تنسي الحساء !".
نظرت الى صحنها بأنزعاج كبير , لأن أفكارها تحولت فجأة الى جون ... وألى هذا التأخير السخيف الذي يقض مضجعها ويحز في نفسها .
كان من المفترض الآن أن تصل ألى مزرعة خطيبها لتعد وأياه خطة الزواج , ولكن الظروف القاسية ارغمتها على الجلوس مع رجل غريب تحرك رجولته الفذة في نفسها مشاعر لم تعرفها من قبل .
رفعت رأسها نحوه , فرأته ينظر اليها بطريقة لم تفهم معناها أو تتمكن من تحليل اهدافها . أزداد توتر أعصابها ... أنه ليس وسيما من الناحية التقليدية المتعارف عليها , ولكن ملامحه تجمع بين القساوة والأغراء ... بين الوحشية والجاذبية .
أرتعش جسمها للمرة الثالثة , لأنها سمحت لشخصيته بالتأثير عليها .. بتلك الطريقة الغريبة . تظاهرت بالأبتسام وسألته بهدوء :
" هل تعرف منطقة تسمى حوض التماسيح , يا سيد كونورز ؟".
" اعرفها جيدا ".
"حقا ؟ هل تعمل هناك ؟".
" في منطقة مجاورة" .
" وهل أنت في طريقك الى مكان عملك ؟".
هز رأسه ايجابا , فكتمت أنفاسها وسألته بصوت منخفض الى حد ما :
" الليلة ؟".
" لا . غدا" .
نسيت خوفها منه وأشمئزازها من تعجرفه , فقالت بأرتياح بالغ :
" عظيم ! لن أحتاج أذن للأنتظار الى يوم الجمعة . يمكنني الذهاب معك و .... ".
" لن تذهبي معي الى أي مكان ".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رد مع اقتباس
[/list]
تقييم المساهمة: 100% (1)
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:07
ولكن .... ولكنك قلت أنك ذاهب ألى منطقة مجاورة و ....".
توقفت عن أتمام جملتها بعد حلول الأرتباك محل اللهفة والسرور , ثم قالت له بهدوء :
" هل تعني أنني غير قادرة على مرافقتك ؟".
" حان دوري الآن لتوجيه الأسئلة . لماذا تريدين الذهاب ألى حوض التماسيح ؟".
" لدي سبب لايهمك" .
" أنت التي تطلبين خدمة , يا آنسة ".
" أنا في طريقي للقاء خطيبي" .
" ما أسمه ؟"
" جون لانج " .
" اوه !".
" هل تعرفه؟".
" طبعا" .
" لا شك في أنه ... أخبرك عني ".
" لا أذكر شيئا من هذا القبيل" .
لم تعد قادرة على تحمل برودته القاسية , فقالت له بلهجة حازمة :
" ليس ذلك مستغربا بالنسبة لي , فخطيبي لا يتحدث عن شؤونه الخاصه لكل غريب يلقاه" .
" أنه رجل حكيم " .
سألته مرة أخرى عما أذا كان يمكنها الذهاب معه الى منطقته القريبة من حوض التماسيح , فقال لها :
" ألم تسمعي جوابي قبل قليل" .
" بلى , ولكنني أريد الذهاب بأسرع وقت ممكن . سيشكرك جون كثيرا أذا أخذتني اليه" .
" هل يعرف أنك ذاهبة اليه ؟".
" لا , ولكن ....." .
" تصورت ذلك , وألا لكان ذكر شيئا عن أمر بالغ الأهمية .... كوصول زوجة المستقبل" .
" أردت مفاجأته . عندما تأكد لي اضطراري للأنتظار حتى بعد غد , قررت الأتصال به ... ولكن خطوط الهاتف مقطوعة بسبب العاصفة ".
" أقترح عليك العودة الى مدينتك" .
" استغرب هذا الأقتراح , يا سيد كونورز .واؤكد لك بأنني لا أستسلم بسهولة , وأن لم اتمكن من أيجاد وسيلة نقل أخرى ألى حوض التماسيح , فسوف أنتظر ألى بعد غد لأستقل سيارة الركاب الكبيرة التي ستمر من هنا" .
" كما تشائين" .
أخذ يأكل طعامه البارد بأعصاب هادئة , فيما كانت سالي تشتعل غيظا وحنقا .
ولكن ..... ما بها تعود الى تأمل قامته وثيابه ويديه , وتجد فيها جميعا جاذبية وسحرا ؟ تكره صفاته وتصرفاته كلها , فكيف تسمح لنفسها بتخّيل تفاصيل تتعلق به ؟ انها تنفر منه , ومع ذلك فهو يجذبها اليه ....
صممت على أكل طعامها وعدم التفكير به , ولكنها لم تتمكن الا من توجيه السؤال التالي اليه :
"لماذا تصر على الرفض , يا سيد كونورز ؟".
" تصورتأننا أنتهينا من هذا الموضوع ".
" هل تعتقد أن الرحلة قد تكون قاسية بالنسبة لي ؟ أنا لست فتاة رقيقة مترفة لا تعرف النوم الا على سرير من حرير" .
" حقا ؟ هل هذه هي دعوة لي لإختبار نومة سريرك , كي أثبت هذه النقطة بنفسي ؟".
حبست الأهانة أنفاسها لحظة , قالت له بعدها بحدة بالغة :
" كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا الكلام . أنتظر حتى أطلع جون على ذلك !".
" وهل تتصورين أنه سيشعر بغضب عارم . أنضجي قليلا يا صغيرتي !".
صغيرتي ؟ يا للوقاحة ! ها هو يتحدث معها ثانية كأنها طالبة صغيرة , بريئة , وغبية !
أحست برغبة قوية لتوجيه صفعة الى ذلك الوجه الساخر , ليعرف هذا اللعين مع من يتعامل ! صغيرتي ؟ انه حقا ..... .
بذلت جهودا مضنية للسيطرة على أعصابها , ومنع كفها المتحفز من التحرك بأتجاه وجهه . يكفيها ما حصل معها هذا اليوم من صعاب وأزمات
وتكفيها عداوة رجل واحد مثل كروجر , سيأتي يوم , وفي المستقبل القريب عندما ستقول للسيد اندريه كونورز رأيها فيه بصراحه !
لم يتصرف معها أحد غيره من قبل بمثل هذه الغطرسة والوقاحه , ولم تضطر مرة واحدة في حياتها الى الرضوخ والأستسلام لأوضاع مريرة كالتي يفرضها عليها هذا الرجل القاسي ....
تبا لهذه الظروف التي ترغمها على ذلك , وتربك مشاعرها في الوقت ذاته !
أحمر وجهها ثم شحب لونه , عندما نظرت اليه وشاهدت ذلك السحر القاتل في عينيه الباردتين . علمت في تلك اللحظة أنها لن تقدر على مواجهة نظراته الحادة , وانها هي التي ستضطر لأبعاد نظرها عنه .
تملكها شعور بالضعف أمامه , وأخذ هذا الشعور الجديد يتكثف ويتضخم للدرجة التي أزعجتها ....لذلك وضعت الشوكة والسكين على الطاولة بعصبية بالغة , ثم توجهت بسرعه الى غرفتها , تأملها اندريه كونورز بهدوء مزعج , بدون ان يتحرك من مكانه او يتفوه بكلمة واحده .لم يحاول بذل أي جهد للأعتذار أو...... لمطالبتها بالبقاء معه , ظل وجهه جامدا كالصخر , وكأنه يقول لها ......... خيرا ما فعلت .
تقييم المساهمة: 100% (1)
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:09
2- عروس في الشاحنة
بدت غرفتها أصغر مما كانت عليه ، وبدت السماء في ذلك اليوم
أكثر عبوساً وغضباً .لم تتوقف العاصفة أو تخف ، ومع ذلك قررت سالي الخروج من تلك الغرفة الضيقة التي تثير في نفسها المتعبة المزيد من الحزن والإنقباض .
سرها كثيراً كثيراً أنها لم تشاهد اندريه كونورز في بهو الفندق أو خارجه ،فأعصابها لم تعد قادرة على تحمل مجابهة ثانية معه .
ركضت إلى الحقول المجاورة ، آملة في أيجاد بعض السلوى والعزاء بين أشجارها وأزهارها .ولكن الرياح توقفت فجأة . فاصبح الجو خانقاً كما قي غرفتها .لم تعد ترى اغصاناً تتحرك وأشجاراً تتمايل . خيم هدوء مرعب على المنطقة ...فما من كلب ينبح أو عصفور يغرد .وكأن الطبيعة الصامتة تنتظر هبوب عاصفة أخرى .
احست ببضع قطرات من الماء تسقط على رأسها ووجهها ،
فقررت العودة إلى الفندق قبل هطول المطر بغزارة .ولدى اقترابها من المدخل الخلفي ، شاهدت مجموعة قليلة من الآليات بينهما شاحنة
وسيارة نقل متوسطة الحجم ،بالأضافة ألى عدد من السيارات العادية التي يعلوها غبار كثيف , لا شك في أن إحدهى هذه الآليات تخص ذلكا الحقير مارني كروجر.
تذكرت فوراً الحادثة المشؤومة ، وكيفية أنقاذها على يد المتغطرس الآخر اندريه كونور. يجب أن تشعر نحوه بالإمتنان لأنه أنقذها امن ورطة كبيرة , ولكن تصرفاته السيئة قللت كثيراً من أهمية الخطوة الرائعةالتي أقدم عليها . وفجأة ، خطرت ببالها فكرة أزعجتها إلى حد بعيد! هل تصور أنها تعمدت تشجيع كروجر على مغازلتها ومهاجمتها ؟ هل هذا هو سبب إقتراحه لها بالعودة إلى بيتها ؟ هل أرد حماية جون منها ؟سخرت من هذه الأفكار السخيفة وضحكت بصوت مرتفع .
فشعرت على الفور بتحسن كبير في معنوياتها . سيمضي هذان اليومان بخير وستذهب الجمعة إلى حوض التماسيح ..لتتزوج خطيبها .
واصلت طريقها نحو المدخل الخلفي ، ولكن حركة ما لفتت انتباهها وحملتها على التوقف مرة أخرى .وما أن استدار الرجل الذي شاهدته منحنياً بين الشاحنة ومقعدها ، حتى لاحظت انه .....اندريه كونورز . لم ينتبه لوجودها على بعد خطوات قليلة ،وعاد فوراً إلى الفندق .
شعرت سالى بالغضب أتجاهه .لأنه يملك شاحنة ضخمة إلى هذه الدرجة ويرفض مع ذلك أخذها معه .
مضت الساعات ببطء شديد . وكأن الساعةتوازي نهار بكاملة .
حتى القصة التي اختارتها بسرعة قبل ركوبها القطار .بدت
سخيفة ومملة . تساءلت بجدية وموضوعية عما اذا كان من الصواب القيام برحلة طويلة ومرهقة كهذه بدون الأعداد لها مسبقا بطريقة هادئة ومتزنة !ولكنها لم تكن لتتصور أبداً أن الجزء الثاني من الرحلة سيكون بمثل هذه الصعوبة !أستخفت بقلق والديها عليها ، إلا أنها بدأت تشعر أنهما ربما كانا على حق في مخاوفهما .هل كانت متسرعة ومتهورة في قرارها ؟ ألم يكن من الأفضل ابلاغ جون عن موعد وصولها إلى ستريمز .
وضعت الكتاب جانبا . لأنها لم تكن قادرة على القراءة أو التركيز , كان المطر ينهمر في الخارج.فهل من أي شيء آخر يمكنها القيام به الا النوم باكراً !خلعت ثيابها وارتدت قميص النوم ، ولكن أفكارها قررت على ما يبدو حرمانها من الراحة والرقاد .....إذ أنها عادت فجأة للتفكير بأندرية كونورز .ماذا يفعل الآن يا ترى ؟هل يتحدث مع مارني كروجر بسخرية لاذعة عنها ,وعن تصرفاتها السخيفة ؟ لا . فليس ذلك من طبيعته .قد يكون سيئاً ولكن الثرثرة التافهة ليست بالتأكيد احدى سيئاته .أنه يقرأ أو يكتب رسالة ، أو ربما يغط في نوم عميق !
تقييم المساهمة: 100% (1)
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:09
تخيلته نائماً تحت غطاء رقيق ، والشعيرات السوداء تفطي صدره العاري العريض وعضلاته المفتوله القوية !مهلاً ، أيتها الأفكار اللعينة ! لا يحق لك الإنجراف إلى هذه الدرجة وراء رجل لا مكان له في حياتي ..... رجل عنيف قاس يثير في نفسي الإشمئزاز والإزدراء !
أنا ذاهبة إلى حوض التماسيح .....إلى جون .....إلى خطيبي .....الذي سأتزوجه خلال أيام معدودة ..أوه !لم تتساءل مرة واحدة عن المكان الذي ستقيم فيه لحين زواجها منه ! لابأس . فهذه مشكلة بسيطة جداً بالنسبة لجون وسوف يجد لها ، كعادته حلا فورياً ومناسباُ .
عادت بها الذكريات إلى أيام طفولتها ، حيث كان جون دائماً يمثل جزءا هاماً من حياتها .لم يكن لديها أخ ، لذلك فقام بهذه المهمة على خير وجه .لم يكن صديقا عادياُ فحسب .بل الأٌقرب والأفضل, أقامت صداقات عديدة طوال سنوات المراهقة .ولكن صديقاتها كبرن وذهبت كل منهن في طريقها.تضاءلت الرسائل والاتصالات الهاتفية تدريجياً الى أن اخذت تقتصر على بطاقة معايده او مكالمات نادرة وفقا للظروف .واليوم ، أصبحت
اسماء صديقاتها ووجوهن صوراً باهتة متشابكة يصعب تذكرها أو حتى التفريق بينهما .
ولكن صداقة جون ظلت مستمرة وثابتة . .... لم تتعثر أو تخف أو تزول .بدأت صداقتهما عندما ابتاع والده بيتا مجاوراً .كانت امه تعمل طوال النهار, فوجد الصبي الصغير الوحيد العزاء والسلوى في بيت جارته سالي , جذبه الدفء والحنان , اللذان كان يشعر بهما في بيتها ,وعلى الرغم من السنوات الأربع التي تفصل بينهما ، فقد توطدت علاقتهما منذ البداية ....واستمررت قوية طوال الأعوام التالية لا تشوبها شائبة أو تعكر صفوها ونقاوتها أيه أحداث أو تطورات .
أحبت شجاعته واندفاعه ، عندما كان يهب للدفاع عنها بمجرد تعرضها لأية مشاكل أو مضايقات من بعض الطلبة الآخرين ، دأبت على اللحاق به .كيفما تحرك والى حيثما ذهب ، ولم تأبه لثرثرة الحاسدين ,ولكن أسعد اوقاتهما كانت تلك التي امضياها معا على انفراد ،في الحقول والبراري ومع العصافير والحيوانات ، علّمها الكثير عن هذه المخلوقات .
وكيفية معرفة حية الأعشاب المسالمة من الأفاعي السامة القاتلة , كان يشرح لها باستمرار كيف يبني العصفور عشه ويربي صغاره ،وكيف يجمع النمل طعامه في الصيف ويخزنه للشتاء .تعلمت الكثير عن حياة الحيوان وعاداته . وحاولت دائماً الإصغاء جيداً وتنفيذ كافة تعليماته وتوصياته .
باح لها بسر أحلامه للمستقبل .وبرغبته القوية لدراسة الطب البيطري ثم قرر في وثت لاحق أنه سيسعى جاهداً ليدافع قدر الامكان عن الحيوانات البرية ويمنع صيدها . كبر جون وتبدل وتغير إلا أن الصفة الوحيدة التي لا تزال تلازمه حتى الآن هي حبه للحيوان وبما أنها كانت ترغب دائما في التحدث معه حول الموضوع الذي يستهويه أكثر من شيء آخر .فقد قرأت سالي عشرات الكتب والمجلات الخاصة بالحيوانات .
تخرج جون من طبيباً بيطرياً . وعمل لبعض الوقت كمساعد لأحد أشهر المتخصصين في هذا الحقل .كان يتمتع بعمله إلى درجة كبيرة وكان حلمه الكبير الذي يراوده منذ صغره لم يتركه ....
أستقال من وظيفته قبل عام تقريبا ، عندما سنحت له فرصة العمل كمشرف على منطقة للحيوانات البرية التي يمنع صيدها .
كانا مخطوبان آنذاك ، فطلبت مرافقته إلى عمله بمنطقة حوض التماسيح .قال لها ان ذهابها معه منذ البداية ليس أمرا حكيما .
وعندما يستقر في عمله ويـتأكد من مستقبله ، سيأخذ اجازة لمدة أسبوع ويعود إلى المدينة لكي يتزوجا بحضور الأهل والأصدقاء .
قبلت اقتراحه على مضض .لأن الفراق مؤقت ولن يطول ستستقر أموره قريبا .ويعود إليها ليتزوجا ويعيشا معا حياة سعيدة .
كانت تمضي نهارها في مدرسة مجاورة .حيث تعلم الأطفال ، ثم تعود إلى البيت لتساعد أمها وتعد ثوب العرس .....وتحلم بالرسالة التي ستصلها في اليوم التالي .
كانت رسائله تصلها باستمرار ،وبنسبة واحدة أو أثنتين كا أسبوع ،
مشبعه بالأخبار والتفاصيل ومفعمة بالأشواق والمحبة والتلهف .
كتب لها عن سعادته الفائقة في تحقيق حلمه القديم .. ...
في حراسة الحيوانات البرية التي تمنحها الطبيعة في تلك المنطقة أهمية تفوق أهمية الأنسان.
تقييم المساهمة: 100% (1)
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:10
ولكن عدد الرسائل بدأ ينخفض تدريجيا في الأِشهر الماضية , .
بحيث أصبحت تصلها رسالة واحدة كل عشرة أيام أ و أسبوعين .
لم يقلقها انخفاض العدد . بقدر ما أقلقتها أمور أخرى . لم يتذمر جون أبداً من عمله أو الأوضاع الحيايته في تلك المنطقة النائية .وظلت رسائلة مليئة كالعادة بالأخبار والقصص . ولكن سالى قرأت بين السطور عن انخفاض جذري في حرارة حماسته وشوقه . سألته في رسالة عاجله عما اذا كان مريضاً ، فنفى ذلك بشدة قائلاً أنه بألف خير . أليس محتملا أنه مريض فعلا ولكنه لايريد أقلاق راحتها وتفكيرها ؟ في أي حال .أن لم يكن المرض فثمة امر آخر بالتأكيد يعذبه ويحزنه .وعليها بالتالي مشاطرة احزانه ومشاكله ، ومساعدته ماديا ومعنويا .ستذهب إليه حالا ، فهي لم تعد قادرة على تحمل مرارة الانتظار ....وهو بالتأكيد سيفرح كثيراً بوصولها المفاجئ .
تململت سالى قليلا في سريرها الصغير . عندما انتبهت فجأة إلى انه لم يعرض عليها ابدا فكرة الزواج منه .تولدت لديهما تلك الفكرة مع مرور الزمن ، وأصبحت أمراً مفروغاً منه . أحبت جون أكثر من اي شخص آخر في العالم ،بإستثناء والديها . وكانت تعلم انه يبادلها هذا الحب .اهميته بالنسبة لها ولحياتها كأهمية الذراع بالنسبة للعامل وحياتهما معا ستكون مليئة بالحب والحنان والراحة والطمأنينة .
عقدت جبينها فجأة وتتقلبت في فراشها . فهذه هي المرة الأولى التي تفكر فيها بمشاعر الرقيقة الصافية أتجاه جون .... هل يعقل أن السبب في ذلك هو تفكيرها شبه المتواصل بذلك المتغطرس اللعين اندريه كونورز ؟ أراحها هذا السؤال قليلا ,لأن مجرد توجيهه إلى نفسها أضاف بعدا جديداً وراسخا إلى اشمئزازها من هذا الرجل .... كرهها له .
لاشك في أن الأرتباك الشديد الذي تتخبط فيه ، ناجم عن الأحداث المزعجة التي واجهتها هذا اليوم . لم يتم شيء مما توقعته ، لا بل أنها فوجئت بأمور كثيره لم تكن تتوقع حدوثها .اتعبتها مقابلة كونورز مرتين في يوم واحد . أكثر بكثير من هذا التوقف القسري في ستريمز .. ..وحتى من تلك المجابهة المرعبة مع مارتي كروجر !
لن تتمكن من النوم هذه الليلة . إلا أذا أراحت اعصابها وأفكارها القلقة المتعبة .آه ، لو كان جون معها الآن ليعيد إليها . كعادته الطمأنينة وراحة البال ! ولكنه موجود في منطقة حوض التماسيح فماذا ستفعل ؟ ستتخيله معها ....سترسم له صورة في عقلها وقلبها على حد سواء!
لاحظت بأسى عميق مدى صعوبة هذه المهمة .فالفراق لمدة طويلة والتحول في رسائله ،ونوعيتها , تركا اثرأً واضحاً في نفسها . ولكنها صممت على المثابرة والنجاح ، وماهي الا لحظات وجيزة, حتى بدأت ملامحه الطيبة المحببة تبرز شيئاً فشيئاً في مخيلتها ..إلى أن أكتملت صورة الرجل الذي تحبه منذ طفولتها . احست بالأرتياح والأمان لوجوده معها حتى على هذا الشكل الخيالي . ولكنها وجدت صعوبة بالغة غي الإحتفاظ به ،حاولت جاهدة ابعاد الصورة الأخرى التي بدأت تتسلل بقوة إلى أفكارها ، تدك الحصون وتقتحم الأسوار. افزعتها الإبتسامة الساخرة وأرعبها الفم الجذاب فقاومت
الصورة المعتدية بضراوة وشراسة .ولكنها كانت مرهقة الجسم والتفكير ، فأنهارت دفاعاتها المستميته بسرعة مذهلة .... وحلت صورة الوجه البرونزي القاسي والعينين الباردتين الخبيثتين محل صورة الخطيب البعيد .
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:11
استيقظت سالى صباح الخميس . فتبين لها أن السماء لم تعد ماطرة
مع أنها لا تزال ملبدة بالغيوم .ارتعش جسمها بردا عندما سارت حافية القدمين نحو النافذة .فكادت تقنع نفسها بالعودة إلى فراشها ... ...وخاصة لأن الساعة لم تتجاوز السادسة والربع . ولكن الغرفة باردة . والنوم لم يعد واردا ،فما عليها إذن إلا القيام بنزهة قصيرة حتى يحين موعد الفطور . استحمت على عجل وارتدت سروالا ضيقاً أزرق اللون وقميصا تناسبه .ثم توجهت من الفندق إلى المكان عينه الذي قصدته في اليوم السابق .
ضايقتها الأرض الموحلة إلى درجة كبيرة . فقررت العودة إلى الفندق الصغير . كانت الساحة شبة فارغة ، وبدا أن معظم الباعة غادروا منطقة الجداول . . . سترميز . لم تلاحظ في تلك الساحة إلا عربتين ...إحداهما شاحنة اندريه كونورز .
حاولت فتح البابين ، فوجدتهما مقفلين . صعدت الى ظهر الشاحنة .
وشاهدت الغطاء السميك الذي وضعه كونورز لحماية بضاعته من البال .اللعين ! أنه يفكر بكل شيء ويتصرف بحنكة وذكاء!
خطرت ببالها فجأة فكرة مذهلة ....وقررت تنفيذها .ماذا سيفعل بها السيد كونورز عندما سيكتشف وجودها لدى وصوله إلى مكان عمله القريب من حوض التماسيح؟ هل هي مغامرة خطرة؟ لا أبدا فكل ما في الأمر أذا أكتشف أمر وجودها في الشاحنة , أنه سيصرخ غاضبا ............وقد يشتمها أو يوجه إليها كلمات قاسية !
ليفعل ذلك . فلن يهمها هذا الأمر أو تبالي به . هرعت إلى غرفتها لجمع امتعتها والعودة بسرعة ألى الشاحنة . والإختباء تحت الغطاء السميك .لن تضطر ، لحسن الحظ ، إلى إنتظار الموظف المسؤول عن الفندق لتدفع له ما يترتب عليها ..فالمبلغ الذي اعطته اياه امس كنوع من الضمانة يكفي اقامتها لمدة يومين .حملت حقيبتها وكيسها وعلبة الحلوى . وسارت بخطى سريعة نحو الشحنة .ماذا لو شاهدها كونورز أوأي شخص آخر تتسلل مع إغراضها إلى الشاحنة ؟كانت الساحة مهجورة تماما. فنفذت خطتها الخطرة بنجاح باهر .....على الرغم من توتر أعصابها الشديد وانفعالها المحرج .
لم تشعر بالطمأنينة وراحة البال .إلا عندما سمعت صوت المحرك وأحست بتحرك الشاحنة . نجحت في الإمتحان الأكثر صعوبة وخطورة فبدأت تفكر بأفضل وسيلة تمكنها من الوصول بأقل قدر من التعب والإرهاق .وضعت الكيس الذي يضم فستان العرس كوسادة تحت رأسها .وضمت علبة الحلوى إلى صدرها كيلا تتدحرج هنا وهناك وتفقد محتوياتها الثمينة . أما الحقيبة الكبيرة ،فقد ابقتها الزاوية القريبة منها لئلا يلاحظ كونورز وجودها .....في حال توقفه وإلقاء نظرة على حمولة شاحنته .
ماذا سيقول جون أو والدها . فيما إذا شاهدوها على تلك الحالة أو علموا بما قامت به ؟ من المؤكد أن والدتها ستصاب بالذعر والهلع .
ووالدها سيضحك حتى يستلقي على ظهره .أما جون ، فسوف يكون رد فعله مزيجاً من هذين الشعورين ..سيشعر بالإنقباض والإسى
لأنها واجهت جميع هذه المصاعب من أجله . ولكنه سيعجب أيضاً بقدرتها وشجاعتها .ابتسمت بإرتياح عندما تصورت نفسها جالسة قرب النار، تخبر حفيدتها الصغيرة عن المغامرة الشيقة التي قامت بها الجدة للزواج من الجد العزيز .
احست بالنعاس يدغدغ عينيها في تلك الظلمة الحالكة والجو الدفئ .ولكنها قررت البقاء مستيقظة .ومتحفزة للنزول بأسرع وقت ممكن .لم تتمكن من الصمود طويلاً ،فما هي إلا دقائق معدودة حتى وجدت نفسها غارقة في النوم.
فتحت عينيها فجأة ،فأزعجها ضوء الشمس .أين هي الآن ،ولماذا يؤلمها ظهرها وتتدلى رجلاها على هذا الشكل ؟أغمضت العينين المثقلتين بالنعاس ثم فتحتهما بسرعة .لتواجه بنظرات ساحرة هازئة وابتسامة رقيقة من كونورز .أنتبهت إلى وجودها بين ذراعية القويتين وإلى التصاق وجهها بصدره العريض , اندفعت الدماء بقوة إلى وجنتيها فزادتهما احمراراً . وتسارعت ضربات قلبها حتى أصبحت
كمحرك سيارة أو قرع طبول . حاولت القفز إلى الأرض ، ولكنه ضغط عليها بقوة وافشل محاولاتها فقالت :
" انزلني فوراً ".
" سأنزلك عندما أريد".
ارتعش جسمها خوفاً بسبب تلك النبرة المميزة في جملته القصيرة الجافة . وأدركت أنها تواجه مأزقاً جديداً لا تعرف كيف ستتخلص منه .
ابعدت نظراتها عن عينينه وتطلعت حولها . فلم تشاهد شيئاً إلا الأشجار والأعشاب . أنها وحدها مع هذا الرجل القوي . وفي منطقة نائية معزولة قد لا يكون فيها أي أنسان آخر على الأطلاق ! أفزعتها نظراته وأرعبتها ولكنها قررت إلا تدعه يعرف مدى خوفها وذعرها .
قالت له بلهجة حازمة وصارمة بقدر ما تسمح لها ظروفها الحالية بذلك :
" أكرر طلبي لك بإنزالي فوراً ! ".
أجابها بصوت ساخر مهين .زاد من مخاوفها واحمرار وجهها :
" لا يحق للمتسللين أبداً أصدار الأوامر" .
جف لعابها في فمها . ولكنها تظاهرت بالقوة والشجاعة وقالت له بحدة وانفعال :
"ثمة متسلل واحد ، هو أنا . يحق له ذلك".
ضحك الرجل بصوت منخفض يضج سحراً وأغراء , ،فاحست بأنفاسه تداعب خديها واذنيها .
قال لها :
" أنت مخطئة في تقديرك للأمور .لأن تسللك إلى شاحنتي جعلك رهينة بين يدي وسوف تلقين العقاب الذي أقرره ".
فتحت فمها لتصرخ بوجهه .قائلة أنه رجل متعجرف قاس ، ولكنه اسكتها بقوة وعنف لم تتصورهما من قبل .. حتى في الأحلام المزعجة .أنذرها عقلها بوجوب التخلص منه, والأبتعاد عنه بأسرع وقت ممكن . فأشبعت صدره ورأسه ضرباً لكما . لم يتأثر بضرباتها المتلاحقة ولم يأبه لمحاولاتها اليائسة واكتفىبتشديد الضغط عليها حتى كاد يحبس انفاسها .
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:14
رفع رأسه فجأة عنها . وراح يتأمل بعينين قاسيتين باردتين أحمرار وجهها وارتعاش فمها ...ونظرات الخوف والحيرة والإرتباك في عينيها الزرقاوين ،سحب ذراعه التي يضعها تحت ركبتيها ،وقال لها بلهجة
قوية جافة :
" الآن ...بيمكنك النزول" .
مارست جهودا نفسية جبارة لتتمكن من الوقوف على قدميها ,فوقوعها على الأرض أو أضطرارها للإستعانه به سيزيدان من أضعاف موقفها امامه .نظرت إليه ثم ابعدت وجهها بسرعه ،وهي تغمض عينيها لإخفاء دموعها .فمع ان تصرفه الوحشي لم يكن إلا قصاصاً ، فقد اذهلها ذلك الشعور الذي أحست به أثناء وجودها بين ذراعيه .قالت له هامسة :
" أنا ...أنا آسفة ... على هذا الخطأ الذي أرتكبته ".
أجابها بشيء من الحدة الجافة :
" تأخرت قليلاً لتقديم الإعتذار" .
حملتها جملته ولهجته الباردتان على التراجع عن الندم الذي شعرت به قبل لحظات وجيزة .فجففت دموعها بسرعة ثم رفعت رأسها بتحد وقالت :
"هل كانت خطوتي غلطة كبرى ؟".
تأمل جسمها الجميل من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ، وقال لها بهدوء مزعج :
" سأعدك تجيبين على هذا السؤال بنفسك".
" رفضت نقلي عندما طلبت منك...".
" فقررت التسلل . بغض النظر عن المضاعفات والعواقب .هل تقدمين دائماً على كل خطوة تريدين تحقيقها ؟".
لن تسمح لهذا الرجل المتغطرس بمعاملتها كطالبة صغيرة .لا تعرف شيئاً عن الحياة .أبتسمت بمكر , وقالت له بلهجة التكبر والتعالي :
" نعم ، عندما أشعر بأنني على حق ".
تبدلت ملامحه إلى حد ما ، وقال :
" كنت متأكدا ليلة أمس أنني أقدم خدمة كبيرة لجون برفض احضارك معي" .
سألته بصوت هادئ :
" لماذا تكرهني إلى هذا الدرجة ؟".
هز كتفيه بكثير من اللامبالاة وقال :
" أكرهك ؟ هذا إطراء لنفسك ,يا آنسة أوبريان فالكراهية شعور معين
بحاجة لنسبة ما من الحماسة والإندفاع . أنا لا أكرهك" .
أصابت سهامه الهدف ، فبرقت اسنانه البيضاء خبثاً ودهاء .وأضاف قائلاً :
" لنقل فقط أنني لا أحب رؤية حياة شاب طيب تتحطم على صخرة العذاب والألم ".
أشتعلت سالي غضباً ، وصرخت بوجهه قائله :
" هل تعتقد أنني شجعت ذلك الشاب الأحمق أمس ؟ هل تعتبرني انسانة غير عفيفة" .
نظر إليها بعينيه الفولاذيتين ، وقال :
" لا أعتقد أنك أفضل من بنات جنسك يا آنسة أوبريان . فالمرأة عادة تستغل الرجل لتحقيق مآربها" .
توقفت برهة ، فتساءلت عما حدث لهذا الرجل حتى أصبح يكره النساء ويحتقرهن .مضى إلى القول :
- أما بالنسبة إلى جون، فاعتقد أنه لا مكان في حياته لفتاة صغيرة عنيدة مثلك".
حبست أنفاسها لشدة انفعالها وتأثرها ، ولكنها مارست ضبط النفس إلى أكبر درجة ممكنة كيلا تتعرض إلى المزيد من إهاناته وسخريته القاسية .وقررت بسرعة أن الصمت بكرامة سلاح أكثر فاعليه وتأثيرا من الإنتقام الكلامي .
أستدارت نحو الشاحنة . ومشت إليها بشموخ وانفة . وعندما حملت حقيبتها في يد وثوب الزفاف في اليد الأخرى .سمعت صوتاً يقول :
" العذراء الغاضبة تجمع امتعتها !".
" ألم يكن هذا ما أردته أنت ، يا سيد كونورز ؟".
" يبدو أن الأمور التي أريدها لم تعد ذات أهمية تذكر" .
حملت سالي القطع الثلاث . وبدأت تسير بعيداً عن الشاحنة .هز الرجل رأسه بأستخفاف ، وقال لها :
"إلى أين . يا آنسة ؟".
" سأعود إلى الفندق وأانتظر حتى الغد . لكي اتوجه إلى حوض التماسيح".
" أِشك في ذلك . هل لديك فكرة على الأطلاقعن مكان وجودنا الآن ، يا آنسة أوبريان ؟".
" لا , ولكن لا داع لقلقك . سأعرف كيف أجد طريقي . يا سيد كونورز" .
أتسم الرجل ، وهو يأخذها امتعتها من يديها ، ثم قال لها :
" يقع فندقك الصغير ، يا آنسة ، على بعد خمسة وعشرين كيلومترا" .
" هل ..هل إبتعدنا عنه إلى ...إلى هذا الدرجة ؟".
" نمت فترة طويلة على ثوب الزفاف الجميل ، أيتها الصغيرة ، هيا .
أصعدي إلى الشاحنة ".
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:14
3- النار والفراشة
نظرت اليه بأستغراب , وسألته بصوت مرتجف الى حد ما :
" هل تعني انك ستأخذني معك ؟".
أبتسم فجأة , فلاحظت بعض الدفء في عينيه القاسيتين وقالت لنفسها انه يكاد يبدو كرجل لديه صفات طيبه . اجابها بلهجة مرحة :
" حرمني تسللك حرية الاختيار , فحتى انا لا يمكنني ترك شابة جذابة مثلك هائمة وحدها في هذه البراري والادغال" .
أنطلق سؤال من فمها قبل تمكنها من حبسه داخل افكارها :
" هل تجدني حقا جذابة ؟".
ابتسم أندريه عندما شاهدها تضع يدها على فمها مذعورة من تسرعها , وقال لها بصوت رقيق ناعم :
"هل ترغبين في أي اثبات لذلك , يا آنسة اوبريان ؟".
توترت اعصابها بصورة مخيفه, وقالت له:
" لا ! في أي حال , اريد قبل صعودي ألى الشاحنه وعدا صريحا منك بأنك لن تلمسني أو تقترب مني " .
نظر أليها بعينين ثاقبتين ثم أبتسم بمكر الثعالب وقال:
"أفهمتك سابقا أن المتسسللين لا يحق لهم أصدار الأوامر . ستأتين معي حسب شروطي انا" .
" لا يمكنك ابدا أرغامي على ....".
أختفت بقية كلماتها في حلقها , عندما أمسك بكتفيها وجذبها نحوه بقوة . ألا ان رد فعلها كان أسرع من ذي قبل , فأبعدت وجهها عنه ورفعت يدها لتصفعه . تصرفت بسرعه ....
ولكنه كان أسرع منها , وأقوى بكثير . تصدى ليدها المرتفعة قبل وصولها الى هدفها , وحشرها بين جسميهما الملتصقتين بحيث لم تعد قادره على تحريكها .توجهت يده الأخرى في اللحظة ذاتها ألى شعرها , وشدها أليه بعنف , فأزداد خوفها , وشعرت بأن كرامتها طعنت في الصميم , فتمرد عقلها وثارت أفكارها في مواجهة هذا الأعتداء الصارخ , ولكن الموقف أيقظ في نفسها مشاعر غريبة ومؤلمة .وبدأت تتجاوب وتلين, وأحست بأنها أصبحت معلقة بين الأرض والسماء وما أن أرتفعت ذراعاها لتطوقا عنقه , حتى أبعدها عنه بعصبية اذهلتها وحدة افزعتها , وجه اليها نظرات حارقة وقال :
" أعتقد ان وجهة نظري صحيحة " .
" وجهة نظرك , وما هي ؟".
" المهم , هناك نقطة بسيطة واحدة هي أن الرحلة ستتم وفقا لشروطي أنا , دونما أي أعتراض أو تعديل " .
في تلك اللحظات المعدودة والتي توقف فيها الزمن واستجابت كافة مشاعرها وأحاسيسها لرجولته القوية المهيمنة , نسيت سالي الهدف الحقيقي لكلامه وتصرفاته . ولكن جملته القاسية تلك أعادتها الى الارض بأذلال مهين , لم تكن تتصور أنه قد يحدث لأي أنسان في العالم ماحدث لها . أحست في هذه البرهة بالذات أنها .... تكرهه . قالت له وهي تهم بالصعود الى الشاحنة :
" تساعدك قوتك الوحشية وفظاظتك العنيفة في تحديد الشروط التي تريدها .
" ستجلسين قربي . "
أرتعش جسمها قليلا, وكأنه لا يزال واقعا تحت تأثير تلك اللحظات المجنونة , وقالت له بأنفعال وبدون الألتفات أليه :
" أفضل مواصلة الرحلة كما بدأتها " .
قال لها متوعدا بلهجة ناعمة :
" هل تريدين أن أسلمك الى حبيبك, وأنتِ مصابة بصدمة عنيفة .... وبعض الكدمات ؟ تعالي وتوقفي عن المجادلة . انت تعرفين الآن من منا يصدر الأوامر " .
قالت له بعد جلوسها قربه في المقدمة :
"أرجو ألا تستخدم معي هذه اللهجة يا سيد كونورز " .
ضحك فجأة وقال :
" أنها تناسب مزاجك الحاد وطبيعتك الأندفاعية " .
أحمر خداها قليلا وأستعدت للرد عليه بلهجة قاسية , فمضى الى القول :
" ها أنت على وشك التصرف وفقا لما وصفتك به . سأناديك بالهرة الشرسة طالما انك حادة الطباع وسريعة الغضب . وعندما تتصرفين بهدوء وروية , ولن يكون ذلك الا نادرا حسبما اعتقد , فسأعود عن هذه التسمية وأستخدم اسمك الجميل سالي " .
ثم أبتسم ثانية , وأضاف قائلا :
" أستخدمي معي أسمي الأول أندريه , فالشكليات والرسميات لا تناسب رحله كهذه " .
ألا يمكنه مرة واحده على الأقل أن يتحدث معها بلهجة عادية مهذبة ؟ لماذا لا يطلب منها شيئا ألا بصفة الأمر ؟ ألا يتوقع أبدا أي عصيان او تمرد على اوامره وتعليماته ؟ ماذا يعتبر نفسه هذا المتسلط المتكبر ؟
تأملته جيدا في محاولة يائسة لتحليل شخصيته والدخول في اعماق تفكيره , ولكنها أدركت عدم جدوى ذلك ... بسبب تلك الجدران القوية العالية التي يرفعها حول ذاته وكيانه ويستحيل بالتالي اختراقها !او حتى الاقتراب منها .ألتفت نحوها باسما وكأنه قرأ افكارها او سمع التساؤلات التي تتصارع في رأسها ... وقلبها . أبعدت سالي وجهها عنه بسرعة , كيلا تقول شيئا قد تندم عليه في وقت لاحق .
كانت الشاحنه منطلقة بسرعة كبيرة , وهدير محركها يصم الآذان , لم يتحدث السائق ومرافقته أطلاقا , فالتطورات المثيرة والمتلاحقة التي حدثت بينهما خلال يوم واحد لم تعد تسمح لهما بتبادل احاديث عادية كأي شخصين مسافرين معا .
صفحة 1 من اصل 3
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملخص
أصعب وأقسى الأزمات القلبية تقع حين يكون القلب مفعما بالحب,ولكن ضائعامحتارا لايعرف من يحب.
سالي في الثالثة والعشرين من عمرها احبت جون منذطفولتها,وعندما سافر الى افريقيا ليعمل طبيبا بيطريا...عاشت على رسائلهاليومية,وانتظرت يوم زواجهما بفارغ الصبر.ولكن بعد سنة خفت الرسائل الى درجةاقلقتها, فتركت اهلها وسافرت الى منطقة حوض التماسيح .الطريقالى هناك وعرة مليئة بالأخطار ... غابات ووديان موحشةتسكنها الوحوش الضارية ..بحثت سالي عن وسيلة تنقلها الى جون ولكن دون جدوى...وفجأةصادفت شاحنة صعدتاليهاواختبأت...وبعد مسافة طويلة اكتشفها السائق اندريه كونورز واعتبرها متسللة وهددهابعقاب وخيم,الا ان رحلة الرعب عبر غابات حارقة انتهت بوقوع قلب سالي قي أزمةخانقة.انها لاشك عاشقة,قلبها مفعمبالحب...انها لاتنام الليل...احلامها واوهامها تقض مضجعها. هي سعيدة وحزينة... حرةوسجينة,اندريه كونورز اهانها وأذهلها الى درجة مزقت عزة نفسها وهي لايمكن ان تكونغارقة في حبه.