الجزء الاول

كنت اعيش حياة هادئة كباقي الناس اعيش بين اسرتي في كنف والدي وامي كانت تعتبرعائلتي عائلة محافظة ونموذج للعائلة المثالية لكني كنت ذاك الولد الذي يسهر ... ويلهو ... ويمرح صحيح اني اصلي صلواتي لكني اكن احافظ عليها ولم اكن اصليها في وقتها كنت اصليها متاخرا ... كما اني كنت اكتفي بالفرائض من الاعمال ... كنت اعود من سهري في وقت متاخر من الليل لاجد ابي يصلي في جوف الليل ... ويدعوا الله واجد امي تناجي المولى عز وجل ... وتتقرب اليه بالنوافل وتدعوه بحرقة ... اما انا فكنت اصلي صلاة العشاء التي نسيتها بسبب سهري ... والتي طالما كنت انساها وفي بعض الاحيان كنت لا اصليها ... بصراحة لم اكن ملتزما ... تعرفون حياة الشباب والمرح والسهر ...في ظل هذه الحياة لم اكن اعرف معنى حياة المؤمن ... الذي يجد لذة بمناجاة مولاه في دجى الليل ... ومضت الايام على ماهي عليه روتين يتكرر ... كنت انا صغير العائلة وكان لدي اخوان ... اكبرهما مات قبل ان اولد في حادث مرور فظيع ... كانت نهايته ماساوية شاب في الثلاثين من عمره يقود سيارة في منتصف الليل ... بسرعة جنونية على الطريق السريع وهو في حالة سكر .. ليصطدم بشاحنة من العيار الثقيل ... فتعجن لحمه وعظمه وتخلط دمه مع حديد السيارة ... كانت خاتمته سيئة ... بالنظر الى طيبة امي وابي واعمالهما الصالحة وتصرفاتهما مع الناس وحسن خلقهما ... فقد كان هذا الولد طفرة بالنسبة لهما ... لكني تذكرت قول الله تعالى " وكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا " اما بالنسبة لاخي الاخر الاكبر مني ... والاقل من اخي الميت ... فقد كان ولدا ملتزما قليل الاختلاط بالناس لكنه محبوب ... وجهه ابيض عليه ملامح العفة والطهارة ... كان محافظا على صلواته بارا بوالديه ... نعم الولد .

لم يكن كثير التجوال معظم وقته تجده في عمله المتواضع كحرفي او في مصلاه المظلم ... ذاك المصلى الذي كنت اخاف الدخول اليه ... لكن لا اعلم السبب ربما لانه نقي وخال من الاثام ... عكس مجالس اللهو والسهر التي اعدتها ... كان موضعا من مواضع عبادة الله التي يدخلها ابيض القلب صافي السريرة ... كان اخي ينصحني دائما ويشدد علي بترك مجالس السهر واللهو ... لما فيها من مفاسد ومضار ويدعوني للحفاظ على صلاتي وعبادتي لانها عصمة امري ... لكن كلماته كانت تدخل من هنا وتخرج من هناك ... كنت اصرف معظم المبالغ المالية التي اتحصل عليها في دوام العمل الجزئي في الترف والبذخ ... لقد كنت ابذر نقودي بالكاد استطعت التوفيق بين دراستي وعملي فانا مازلت في طور الدراسة ... وانا على ابواب امتحان التخرج.

وفي احد الايام وانا عائد كالعادة من مجالس اللهو ... دخلت المنزل اتجهت الى غرفتي واستلقيت على السرير ... صوت خافت وعذب يصدر من الغرفة المقابلة لغرفتي او بالحرى مصلى اخي ... هل صليت العشاء صمتت في البداية ليتكرر السؤال بصوت اعلى .... هل صليت العشاء لم استطع الاجابة ... لاني كنت استحي من اخي فانا احبه بشدة ... لكني تشجعت وقلت له ساصليه غدا رد بنبرة حادة تصليه غدا ... الا يكفيك انك اخرت وقته لتؤجله غدا قم وصلي واتق الله يا ولد ... الا ترى ابي انه شيخ كبير في السن رغم ذلك فهو يصلي ويدعو الله ... وامي رغم تعبها والمشاق التي عليها لكنها لا تفتر عن عبادة الرحمن الرحيم ... وانت شاب صغير لا تعرف متاعب الحياة ولم تعاني مصاعبها تلعب وتلهو ... كفاك بقصة اخي واعظا لقد ختم له بسوء الخاتمة انت لم ترى ذلك المشهد .... كيف مات بعيدا عن الاهل ... والاسوء موته بتلك الطريقة وعلى تلك الحالة ... مات على معصية ... مات على غضب من الله .... والان لا نملك الا ان ندعوا له ... وبسرعة ذهب النوم عن اجفاني ... توضات صليت العشاء وعدت الى غرفتي نادني اخي هل صليت اجبته نعم .... ثم راودني سؤال في نفسي فناديته سائلا ... ولكن هل سيغفر الله لاخي بالدعاء ... صمت اخي قليلا ثم تلى قول الله تعالى "ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ... وقال هذه امور غيبية لا يعلمها الا الله لكن عسى ان يتغمده الله برحمة منه ... لذلك لا يسعنا الا ان ندعو له ولجميع المسلمين وموتاهم بالمغفرة فرحمة الله وسعت كل شيء كان الكلام الذي قاله لي كفيلا بابعاد النوم عن عيني ... لابقى افكر به وما لبث ان نادني ... قال لي تعالى هنا فتعجبت منه عادة لا يسمح لاحد بدخول مصلاه ... لكنه كرر الطلب قال لي ما بك لقد دعوتك ... فقمت واتيته قال لي اجلس فجلست ... وقال لي اقترب فاقتربت ... فهمس لي بصوت بارد وحاد اخترق اذني كالسهم ... " هل تخاف الموت "تسمرت مكاني كان المصلى مظلما وهادئا وكان صوته مرعبا ... وطريقة سؤاله مباغتة ... لم يسالني احد هذا من قبل ... بل لم اسال نفسي هذا السؤال من قبل ... كرر " هل تخاف هادم اللذات ومفرق الجماعات " ... صمت وقلت له لكن ما هذا السؤال ... انه غريب ومحير ... رد علي هل تملك اجابة ... هل تخافه ... قلت له مازلت صغيرا ولا داعي للتفكير في هذا الان .... قال لي اخي ايضا كان صغيرا كان في الثلاثين من عمره ... ولكنه مات ابن جارنا كان صغيرا كان عمره خمس عشرة سنة لكنه مات ... ابنة خالتنا كان عمرها ثمانية عشر سنة كانت في طور دراستها لكن الموت خطفها بسبب المرض ... هل فرق الموت بين هؤلاء ... هل نظر لاعمارهم ... هل راى لجنسهم واجناسهم ... لا ... الموت لا يفرق .... ارعبني حديثه عن الموت ... جعلني احس بغصة في قلبي ودمعة في عيني ... ليقول لي راجع نفسك قبل فوات الاوان ... فالموت لا يرحم والوقت يمر ولا يتوقف ... وتلى قول الله تعالى " انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء" ليقطع حديثنا صوت اذان الفجر .... قمت صليت الفجر وانا افكر بحديث اخي .... مرت الايام واقترب امتحان التخرج قللت من اللهو والمرح ... وتفرغت للدراسة قليلا ... كنت ادرس واعمل كان اخي يعينني على الدراسة كما كان ينفق علي ... لكن دوام الحال من المحال ... مضت الايام واتى ذاك اليوم ... شاب في الخامسة والعشرين من عمره يرى عجوزا تقطع الطريق السريع فيذهب لمساعدتها وبينما يهم بايصالها للجانب الاخر ... سيارة سوداء تسير بالاتجاه المعاكس لاتجاه سير السيارات المفترض السير فيه ... ترتطم به وترديه قتيلا وتمضي في طريقها ويقع الشاب مخضبا بدمه ... واصبع الشهادة معقود ... كان ذاك الشاب اخي ... لقد مات ... صدمته سيارة مخمور يتاجر بالمخذرات ... كان فارا من الشرطة ولم يهتم باتجاه السير فقطع الطريق بشكل عكسي ... صدمت لخبر موت اخي ولم استوعب ماحدث ... ابي وامي كذلك بل كل من يعرفه لم يصدق ما حدث ... كيف يموت شخص طيب مثله ... وفي جنازته حضر الكثير من الناس الكل يملك صورة حسنة عن اخي ... فقد كان محسنا مع الجميع ... بعد ايام من جنازته صار البيت لا يطاق ولا يحتمل ... فقد اعتدت على اخي وعلى كلامه ... وروح دعابته فقد كان يمازحني ... لاجد نفسي ابكي وابكي لكني تذكرت قوله ... " الموت لا يفرق بين الناس "استقمت قليلا منذ موت اخي ... وبعد امتحان التخرج وجدت وظيفة في سلك الامن ... لكنها كانت خطرة قليلا فقد كانت في الحدود لكن لا يوجد خيار ... وبهذا لم يبقى في العائلة سوى ابي وامي لم يوافق ابي وامي في البداية ... لكن بسبب الظروف تحتم ذلك .................يتبع