تعتبر ولاية سطيف عاصمة للهضاب العليا في هذا الوطن الحبيب فهي تتميز بموقعها الجغرافي المتميز الرابط بين الوطن شمالا وجنوبا، شرقا وغربا ، تقع ولاية سطيف جنوب شرق الجزائر، يحدها من الشمال كل من ولايتي جيجل و بجاية، و من الجنوب ولايتي باتنة و المسيلة، و من الشرق ولاية ميلة، و من الغرب ولاية برج بوعريرج 0

تتميز ولاية سطيف بمناخ قاري شبه جاف، حار صيفا و قارس شتاءا، أمطار الشتاء غزيرة و مضرة بالأرض، حيث تساهم في ترية الأرض و إنجراف التربة، ، أما في فصل الصيف فترتفع درجة الحرارة إلى الحد الذي تتسبب في إندلااع الحرائق ، كما تتميز بسقوط البرد و الثلوج أثناء فصل الشتاء خاصة في قمم الجبال، أين تدوم حتى شهر مارس أو أفريل0
كان يقطن ولاية سطيف منذ آلاف السنين سلالة تنتمي إلى رجل كوماني الذي إنحدر من ذريته الأمازيغ، و الذين تنظموا على شكل قبائل، و لم تظهر الدولة الجزائرية للوجود إلا بعد القرنين الثاني و الثالث قبل الميلاد حيث برزت مملكتان المملكة الميساسيلية التي يحدها من الشرق واد بومرزوق الذي يصب في وادي الرمال و من الغرب المولاية، و كان يحكم هذه المملكة مسيليا بقيادة مسينيسا
و كانت منطقة سطيف تابعة إلى المملكة ميسيليا في سنة 225 قبل الميلاد، و أثناء الحروب الفينيقية التي دامت من سنة 146 إلى 264 قبل الميلاد تحالف سيفاكس مع قرطاجنة ، بينما بقي ماسينيسا على نوميديا جزاء على تحالفه و بقي تحت وصاية روما، و بعد وفاته و وفاة إبنه يوغرطة الذي كان ينوي منح الإستقلال إلى نوميديا، و لم يتمكن من تحقيق حلمه بعد وصوله إلى السلطة و هو ما سمح للرومان بالتدخل
فقاوم الأهالي هذا الغزو تحت قيادة يوغرطة الذي قاتل ماريوس قرب مدينة سطيف و إنهزم في سنة 105 قبل الميلاد
و خلال تولي يوبا 1 و يوبا 2 و بطولومي كانت منطقة سطيف جزءا من موريطانيا القيصرية، و إزداد تدخل الرومان مما أدى إلى نشوب ثورات أشهرها ثورة تاكفاريناس الذي كان عضوا في الجيش الروماني
و في الفترة ما بين 14 إلى 24 م نظم جيشا من الأهالي و من بينهم سكان منطقة سطيف الذين ساهموا بشكل فعال في تلك الثورة و بسبب تعدد الإنتفاضات إضطر الرومان سنة 42 م إلى ضم كل الشمال الإفريقي إلى إمبرطوريتهم
كما كان إهتمام الرومان بسطيف نتيجة لموقعها الجغرافي الذي يسيطر على السهول العليا الشاسعة و الغنية بالقمح و موقعها الإستراتيجي عند سفح جبل بابور التي كانت مناسبة للمقاومة و نقطة إنطلاق الثورات ضد الإحتلال الروماني
و تعتبر كلمة أزديف التي تعني بالأمازغية التربة السوداء و هو الإسم الأصلي للمنطقة، ليتحول بعد دخول الرومان إلى سيتيفيس بعد تأسيس الإمبراطور الروماني نيرفا المدينة في حوالي سنتي 97 و 98 للميلاد و حينئذ أصبحت خاضعة للإمبراطورية الرومانية، و منذ تأسيسها حظيت سطيف برتبة المدينة الرومانية فقد تربعت على مساحة 40 هكتار، و شهدت حركة تنموية و تنظيما إداريا و إجتماعيا خاصا
غير أن إزدهار المدينة و أهميتها الإقتصادية يعود إلى القرن الثالث الميلادي، ففي ذلك العام توسعت و إنتشرت حولها القرى و الأراضي الفلاحية، و إرتبطت بعدة مدن جزائرية أخرى
و في القرن الخامس الميلادي دخلتها جيوش الوندال و تعرضت المدينة في عهدهم إلى الفساد و التخريب، و بعد خروجهم رجع الرومان إلى المدينة في منتصف القرن السادس ميلادي و أعادوا تعميرها و بناء الحصون و الأسوار، أما المسلمون فقد فتحوا المدينة خلال القرن الثامن الميلادي،
و تحتل ولاية سطيف مكانة بارزة في التاريخ الوطني الجزائري العام، و تشكل المقاومة الشعبية ضد الإحتلال الفرنسي قوة مؤثرة في الحرب التحريرية المسلحة
و قد إعتبرت أحداث الثامن ماي 1945، و التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بداية تنظيم العمل الثوري المسلح، و التي ذهب ضحيتها آلاف الشهداء و قدر عددهم 45 ألف شهيد، و تركزت هذه الأحداث على وجه الخصوص بمدينة سطيف و قالمة و إمتدت فيما بعد إلى ولايات أخرى مثل دائرة خراطة بولاية بجاية
و كغيرها من ولايات الوطن فقد إنضوت ولاية سطيف تحت لواء المقاومة المسلحة خلال الحرب التحريرية التي إندلعت عام 1954، و قدم المناضلون قوافل من الشهداء و خاضوا معارك بطولية ضد قوى الشر و الطغيان و الإحتلال الفرنسي البغيظ