رواية عندما تنحني الجبال
صفحة 2 من اصل 2 •
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 16:31
كان عليها أن تتماسك .. وأن تخفي ضعفها الشديد .. فهو لم يظهر أي ممانعة لرحيلها في لقائهما الأخير .. ولن تظهر له لهفتها عليه مهما كان هذا صعبا عليها .. قالت بهدوء عندما لم يتكلم :- كيف حالك يا محمود ؟
راقبها وهي تنزل الدرج ببطء وهو يقول بجفاف :- ما الذي تفعلينه هنا يا نانسي ؟
توقفت وقد آلمها جفاءه .. إلا انه لم يمنعها من أن تقول :- جئت لأراك .. وأطمئن عليك .. أنت مازلت زوجي في النهاية .. ومن واجبي السؤال عنك
قال ساخرا :- بالتأكيد .. فممرضتك الغالية لم تعد قادرة على إمدادك بالأخبار عني بعد مغادرتي المستشفى .. أليس كذلك ؟ اهتمامك مثير للإعجاب .. وقد يخيل للمرء انك قلقة حقا علي .. ومهتمة لامري
قالت باحتجاج :- أنا اهتم لأمرك ..
قال بغلظة :- لو كنت تهتمين لما غبت طوال هذه الفترة دون أن تزعجي نفسك بزيارتي أو بالاتصال بي
قالت بغضب :- لم تظهر أي اعتراض عندما تركتك آخر مرة بين يدي أقاربك الاعزاء .. لقد أظهرت لي وبكل وضوح تفضيلك لهم علي .. فلم أفرض عليك وجودي وقد انتفت حاجتك إلي
نظر إليها للحظات طويلة .. وقد ظهر تعبير لم تفهمه في عينيها .. ولكنه أخافها .. قال بهدوء :- من الأفضل ان نذهب إلى غرفة المكتب ونتحدث على انفراد ..
لاحظت حنان الواقفة قريبا منهما وتستمع إليهما باهتمام وقلق .. وأعين الخدم التي تلصصت من وراء الأبواب فضولا لسماع شجارهما .. فقالت بتوتر :- ليس هناك ما نقوله يا محمود .. ستصل سيارة الاجرة خلال دقائق .. لقد جئت لأراك .. وأطمئن عليك .. وتبدو لي بخير تماما
فتح ذراعيه امامها قائلا بحدة :- حقا .. أيكفيك النظر إلي كي تشبعي فضولك يا نانسي ؟ الن تسأليني عن جراحي ؟ وإن كانت في طور الشفاء ام لا ؟ ألن تسأليني عما استجد في تحريات الشرطة حول الرجل الذي حاول قتلي أم ان اهتمامك بي لم يصل إلى هذا الحد ؟
احمر وجهها غيظا وحرجا .. ولوعة عندما ذكرها بالحادث .. أحست بانها مجبرة على الدفاع عن نفسها فقالت :- أرغب بان اعرف كل شيء بالتأكيد
:- هذا يعني انك سترافقينني إلى غرفة المكتب لنتحدث بهدوء حتى وصول سيارة الأجرة
تراجع مفسحا لها الطريق لتسير امامه إلى داخل الغرفة متحاشية الاقتراب منه خشية لأن تتأثر بجاذبيته ... فدخل خلفها وأغلق الباب خلفهما
نظرت حولها بامتعاض وقد تذكرت فور وقوع بصرها على المكتب الكبير .. والمقعد الجلدي الوثير ذلك المشهد الذي جاهدت طويلا لتنساه .. توترت كل عضلة في جسدها وهي تشيح ببصرها بعيدا وقد ظهر الألم واضحا على ملامحها .. سألها محمود :- هل انت بخير ؟ هل تتألمين ؟
أدركت بأنه ينظر إليها .. وأنه قد أساء فهم تشنجها فتمتمت :- أنا بخير
اقترب قائلا :- ما الذي قاله الطبيب صباح الأمس ؟
نظرت إليه بدهشة فقال :- أنا اتحدث مع ماهر بشكل يومي تقريبا لسؤاله عنك .. ظننته قد اخبرك بهذا
تمتمت :- لا .. لم يخبرني .. أظنه لم يرغب بأن يسبب لي الازعاج
توتر فمه .. وبدا وكأنه سيقول شيئا قبل أن يغير رأيه .. ويتجه نحو المكتب .. ويعبث بيده الحرة ببعض الأوراق قائلا بجفاف :- حسنا .. ما الذي قاله الطبيب ؟
:- الطفل بخير .. من المفترض أن تتم الولادة في بداية شهر أكتوبر
التفت فجأة ليحدق في بطنها قائلا :- هل أنت متأكدة بأن الطفل بخير ؟ ألم يطلب منك الطبيب الاهتمام بغذائك .. فأنت نحيلة للغاية .. ولا يبدو عليك الحمل على الإطلاق
وضعت يدها على بطنها غريزيا وهي تقول بانزعاج :- صحتي جيدة تماما .. والتحاليل التي أجريتها بناءا على اوامر الطبيب تثبت هذا .. إنما الملابس هي ما يخفي آثار الحمل عن العيون
رقت نظرته وهو ينظر إليها بطريقة جعلتها تدرك بانه يفكر حتما بما تخفيه ملابسها .. فاجتاحتها ذكريات علاقتهما الحميمة على الفور .. واحمر وجهها وهي تحيط نفسها بذراعيها وتتراجع إلى الخلف قائلة باضطراب :- أما انت فمن الواضح انك لا تهتم أبدا بنفسك .. آخر ما توقعته هو ان أحضر لأجدك قد غادرت البيت .. بل وتقود السيارة بنفسك مخاطرا بحياتك
قست عيناه وهو يقول بجفاف :- كان علي الذهاب إلى مكان ما .. بدون رفقة
هزت رأسها قائلة بتوتر :- هذا ليس عذرا .. ما كان على العمة منار أن تسمح لك بالخروج .. أين هم أقاربك على أي حال ؟ لا أصدق بأنهم قد تركوك وحدك في ظروف كهذه .. لقد توقعت ان أرى ريم تحوم حولك على الأقل لاعبة دور الممرضة المخلصة على اكمل وجه
قالت عبارتها الأخيرة بتهكم .. فلم يغضب محمود كما توقعت منه .. ولم يلمها هذه المرة على سخريته .. بل نظر إليها ببرود شديد قبل أن يقول بصوت أثار داخلها رجفة غريبة :- العمة منار وريم .. وباقي أفراد العائلة .. ما عادو يقيمون هنا بعد الآن
صمتت للحظات طويلة وقد فاجأها بكلامه .. ثم سألته بارتباك :- ماذا ؟ .. ولكن لماذا ؟
لاحظت بان وجهه رغم صرامة ملامحه قد شحب قليلا وهو يغير الموضوع قائلا :- ألا ترغبين بآخر نتائج تحريات الشرطة ؟
خفق قلبها وقد أحست بالخوف مما ستسمعه .. قالت بقلق :- هل امسكوا بالفاعل ؟
:- لقد فعلوا .. الفاعل كان مجرد مجرم صاحب سجل حافل بالجرائم المختلفة .. وقد سبق له أن قضى سنوات طويلة في السجن .. وقد تلقى مبلغا كبيرا من المال ليقوم بإطلاق النار علي ذلك المساء
كان يتحدث ببرود شديد .. كأن الامر لا يخصه هو .. ولكنها احست بخطورة الامر .. أسندت نفسها إلى ظهر الأريكة وهي تقول بصعوبة :- من هو الشخص الذي دفع له ليقتلك يا محمود ؟ .. من هو ؟
رفع رأسه إليها .. فأطلقت شهقة عنيفة وهي ترى العذاب والمرارة في العينين العسليتين وهو يقول :- خمني
هزت رأسها وقد عرفت .. عرفت بغريزتها التي نبهتها إلى الخطر قبل أشهر دون أن تدري
همست مذعورة :- لا .. لا يمكن
قال بمرارة وهو يرمي نفسه على احد المقاعد :- بل هو ممكن .. الشخص الذي أراد قتلي .. ودفع مبلغا كبيرا لذلك الرجل كي يقوم بالمهمة .. هو أقرب الناس إلي .. إنه الرجل الذي رباني .. واهتم بي لسنوات طويلة وكأنه والد لي .. إنه عمي يا نانسي .. عمي هو من أراد قتلي
لم تستطع تخيل صدمته وألمه الكبير في هذه اللحظات .. فتدفقت دموعها .. عاجزة عن قول أي شيء لمواساة الرجل الذي تحب منهارا .. أن يعرف بأن عمه يرغب بموته .. قد طعنه في الصميم .. دمره وحطم جزءا منه .. راقبته وهو يحاول تمالك نفسه .. فلم تستطع إلا أن تسأله بانفعال :- لماذا ؟ لماذا قد يرغل العم طلال بإيذائك ؟
قال بسخرية مريرة :- لنفس السبب الذي دفعه لقتل والدي قبل خمس عشرة سنة .. المال .. والمال وحده يا عزيزتي
كتمت صيحة الذعر التي كادت تفلت من فمها بيدها .. ووجدت نفسها تجلس على طرف الأريكة قبل أن تخذلها ساقاها .. بينما قال هو بألم شديد :- لقد أمسكوا بالمجرم منذ يومين .. واعترف هو بتحريض عمي له على قتلي كما فعل قبل سنوات عندما دفع له ليعطل سيارة شقيقه الأكبر ويتسبب بموته .. أمسكوا به صباح الأمس أثناء محاولته مغادرة البلاد .. فاعترف بكل شيء تحت ضغط استجواب الشرطة له .. كل شيء
أخذ نفسا عميقا وهو يقول :- لقد بدأ الامر قبل سنوات طويلة .. عندما توفي جدي تاركا ثروته لابنيه الوحيدين مناصفة .. بينما ضيع الأخ الأصغر امواله بسبب إسرافه وتهوره .. استطاع والدي أن يضخم ثروته بالعمل الشاق والمخلص .. فما كان امام عمي إلا ان يلجأ إلى شقيقه الذي جعل منه يدا يمنى له دون أن يدرك بأن طمع أخيه لن يتقبل لفترة طويلة أن يكون موظفا مأجورا لا يملك سوى راتبه .. ففكر بان حادثا يودي بحياة أخيه وعائلته .. هي أسهل طريقة للحصول على كل تلك الاموال والشركات الناجحة .. دون أن يحسب حسابا لنجاة الابن المراهق وبقائه شوكة في حلقه .. وحائلا يقف بينه وبين الثروة .. لم يجرؤ على إيذائي كي لا يلفت الأنظار إليه ويثير الشبهات حوله .. وفجأة .. تحول على الفور إلى العم الحنون المخلص .. وانتقل مع عائلته للإقامة معي كي لا أبقى وحيدا .. وأنا كالأحمق ظننت لسنوات طويلة بأن بقائهم إلى جانبي سيحميهم من كل أذى خاصة وأن قاتل والدي لم يعرف أبدا .. كانت خطته واضحة .. سيضع يده على ميراثي .. ويتصرف به كما يشاء بينما أنشغل انا بشغفي بالدراسة .. دون ان يعرف بانني ما كنت أبدا لأفرط بما تركه لي أبي .. لطالما اعدني لهذا اليوم .. أخذني معه دائما إلى العمل .. وعلمني مبادئه وتفاصيله .. فلم أستطع أن أتخلى عن رغبته في إدارة العمل الذي بناه بنفسه وبتعبه مهما كان حبي وثقتي بعمي كبيرة في ذلك الوقت .. لطالما أحببته واحترمته .. تجاهلت متعمدا اختلاساته المتكررة .. وتجاوزاته لانه في النهاية عمي .. حاول دفعي للزواج من ريم أكثر من مرة كي يضمن بقاء المال ضمن العائلة .. والله يعلم بأنني حاولت مرارا بان أفكر بريم كزوجة محتملة .. ولكنني لم أستطع .. لطالما كانت هي وفراس كأخوة لي ..
أغمضت عينيها محاولة منع نفسها من القفز في وجهه ومواجهته بعدم صحة أقواله .. فقد كان ألمها لأجله في هذه اللحظة أكبر بكثير من غضبها منه .. أرادت أن تذهب إليه وتخفف عنه .. ولكنها لم تجرؤ .. نظرت إليه فوجدته يحدق بالأرض وكأنه يستعيد أحداث السنوات السابقة وكانها تحصل امامه .. أكمل كمن يحدث نفسه :- زواجي منك كان القشة التي قصمت ظهر البعير .. لقد خسرني صهرا .. وأنا حظيت بزوجة وأكاد أبني عائلة .. كانت مسألة وقت قبل أن أطلب منه مغادرة منزلي .. وربما اكتشفت فيما بعد تجاوزاته في العمل وأعمال الغير قانونية التي مان يمررها دون ان اعلم .. وجد الزمن يكرر نفسه .. فقد سبق وكاد أبي يطرده من عمله بسبب تهوره .. وهو ما عرفته مؤخرا من أحد الموظفين القدامى الذين كانوا مقربين من أبي .. لم يعد أمامه خيار آخر .. كان عليه في النهاية أن يتخلص مني .. فاتصل بنفس الرجل الذي استأجره قبل سنوات لقتل أخيه .. وكلفه بقتل ابن أخيه هذه المرة
تهدج صوته في النهاية فلم تتمالك نفسها .. أسرعت نحوه .. وجثت إلى جانبه وهي تمسك يد قائلة بصوت أجش :- انا آسفة يا محمود .. آسفة لأنك تعاني من كل هذا .. أعرف بأنك كنت تحبه كوالدك .. أعرف معنى أن تصدم برجل كان يعني لك الكثير .. لقد كان إيقاف أبي واتهامه .. ثم موته في السجن صدمة كبيرة لي .. لإلا أنني على الأقل كنت متأكدة دائما بأنه ما كان ليؤذيني.. أو ليؤذي أحدا من أسرته
نظر إليها .. فالتقت عيناهما .. رأت توسلا وضعفا شديدا في نظراته .. فنهضت ببطء لتقف إلى جانبه .. وتضم رأسه إلى صدرها .. فأحاط خصرها بذراعه وشدها إليه .. ملتمسا العزاء والسلوى بين أحضانها التي طال شوقه إليها .. أحست به يأخذ نفسا عميقا وكانه يستنشق رائحتها فارتجفت .. وسرت في جسدها موجة شوق عاتية كادت تحني ركبتيها ضعفا .. ابتعدت عنه وهي تقول باضطراب :- ألهذا السبب تركت العمو منار البيت ؟
وقف وهو ينظر إليها قائلا :- فور إلقاء القبض على عمي ومواجهته بالاتهامات .. جمعت العمة أغراضها .. ورحلت مع اولادها إلى منزل شقيقها .. لا ذنب لها أو لهم بما فعله والدهم .. وأنا اعرف بانها قد احبتني دائما كابن لها .. ولكنها تعرف أيضا بانهم لن يتمكنوا من البقاء يعد معرفتهم بما فعله عمي بي .. وبوالدي .. وأنا ما كنت أستطيع احتمال وجودهم حولي لأتذكر صدمتي بوالدهم .. كان من الممكن ان أسامحه .. وأتنازل عن حقي لأجل عائلته وإكراما للقاربة بيننا وما فعله لأجلي لسنوات .. إلا أنني ما كنت أبدا لأسامحه على محاولته الحقيرة لإيذائك وإيذاء طفلي
نطق بالجملة الأخيرة بوحشية بينما ارتعدت قائلة :- أتعني بأن تلك السيارة ....
:- هذا صحيح .. لقد كانت السيارة نفسها .. لقد أرسله عمي ليصدمك أولا عند خروجك من الجامعة قبل أن يستقصدني .. فإن لم يقتلك .. فإنه سيجهض الطفل الذي كان ليشكل عائقا امام حصوله على ميراثه .. وهو ما كان ليسمح للزمن بأن يتكرر مرة أخرى .. لقد عرفت الآن لماذا تركتك تذهبين عندما غادرت المستشفى .. لقد عرفت بأنك في خطر .. وأن من حاول قتلي يرغب بإيذائك أيضا .. أردت إبعادك عني حتى الامساك بالقاتل على الأقل كي أحميك من الأذى
صمتت لفترة طويلة وهي تتذكر الألم الذي احست به ذلك اليوم عندما صرفها محمود .. لقد أحست بالغضب عندما اضطرت لتركه بين يدي ريم .. ريم التي خرجت من حياته اخيرا .. المدهش هو انها في هذه اللحظة كانت تحس بالتعاطف مع ريم وفراس .. وهي تتذكر خزيها الشديد لما فعله والدها .. أحست بالشفقة اتجاه السيدة منار وولديها .. فقد عرفوا الآن ما الذي يعنيه ان يشار إليهم بالبنان نتيجة خطأ شخص آخر
:- نانسي
رفعت عينيها إلى محمود بقلق .. كانت تعرف إلى أين سيؤدي بهما هذا الحديث .. كان ينظر إليها بإصرار ويقول :- لم يعد هناك ما يمنعك من العودة إلى بيتك الآن
أحست بالذعر وهي تتراجع وقد أدركت بانها قد وقعت في الفخ .. تصميم محمود كان واضحا .. لن يسمح لها بالتحرك من هنا حتى تبسط جميع الاوراق على المائدة .. ارتفعت طرقات نجوى على الباب وهي تقول :- سيدة نانسي .. لقد وصلت سيارة الاجرة
هتف محمود بصرامة :- اصرفيه
هتفت نانسي بذعر :- لا .. انتظري
اسرعت نحو الباب فاعترض طريقها واضعا راحته وثقل جسده عليه مانعا إياها من فتحه قائلا بحزم :- لن تتحركي من هنا ولن ترحلي يا نانسي حتى نتحدث .. اتفهمين ؟
هتفت بعنف :- ليس هناك ما يقوله أحدنا للآخر يا محمود .. لا تستطيع احتجازي هنا ومنعي من الرحيل إن أردت .. هذا يسمى اختطافا
قال :- لن يلوم أحدا رجلا على محاربته لأجل استعادة زوجته .. لقد سبق واشترطت علي رحيل عائلتي لتعودي إلى بيتي يا نانسي .. إياك ان تنكري هذا .. وها قد تم ما أردته .. وأصبح المنزل وصاحبه تحت تصرفك .. ليس لديك أي عذر يمنعك من العودة
تراجعت إلى الخلف وقد تلاشى كل تعاطفها دفعة واحدة .. نظرت إليه بغضب قائلة :- هل تظن ما دفعني لتركك هو وجود عائلتك يا محمود ؟ حتى لو كنت استجبت لطلبي ذلك اليوم ما كنت لأعود إليك .. كما لن أعود إليك الآن .. انا لن أعود لأذل نفسي بين يديك مجددا .. لم أسمح لك على الإطلاق باحتقاري وإهانتي من جديد يا محمود .. اذهب وابحث عن ضحية اخرى تذلها وتذكرها دائما بنواقصها .. أظن ريم قد أصبحت الآن مناسبة لذوقك تماما .. يمكنك الزواج بها وتذكيرها كلما تشاجرتما بخزي والدها لتخر تحت قدميك ساجدة وممتنة لانك أويتها في منزلك .. ولكنني أبدا لن أفعل هذا
امتقع وجهه .. واعترض طريقها مجددا عندما حاولت أن تفتح الباب .. أمسك بها وأدارها إليه وهو يقول بعنف :- اهدئي يا نانسي و استمعي إلي ..أنا لم أنظر إليك يوما على انك أقل مني قدرا .. نعم لقد أهنتك مرارا.. ووجهت نحوك كلمات جارحة .. إلا انني أبدا لم أقصد أي منها .. في كل مرة كنت تهاجمينني بها .. وترمينني بكراهيتك في وجهي كنت أثور مرغما وأجد نفسي اخطئ في حقك رغبة مني في إسكاتك فقط .. لقد كنت تتطاولين علي وعلى عائلتي .. وأنت كنت تعلمين إلى أي حد كنت اهتم لأمرهم .. طبعا في النهاية أثبت بانك كنت محقة .. وانم ما كنت تقولينه عن عمي ومخاوفك اتجاهه كانت محقة
أفلتت ذراعها من بين أصابعه .. وابتعدت وهي تكبت ألما كبيرا داخلها وتجبر نفسها على عدم التعاطف مع مرارته .. تمتمت بألم :- الامر لا يتعلق فقط بعائلتك يا محمود .. مهما فعلت .. فانا سأظل دائما ابنة رجل مجرم في نظرك .. سأكون الفتاة التي أنقذتها وأنقذت عائلتها من الضياع .. سأظل مدينة لك .. وأنت لن تترك فرصة تمر دون أن تذكرني بهذا
قال بصوت أجش :- انظر إلي يا نانسي .. أنا أحبك .. هل تعلمين ما تعنيه هذه الكلمة .. أحبك .. مستعد لفعل المستحيل لأحتفظ بك
نظرت إليه مصدومة لعمق المشاعر التي فاض بها صوته .. رات عيناه الداكنتان تعصفان بالعاطفة .. فمه الجميل كان متوترا .. وصدره العريض كان يعلو ويهبط باستمرار مع عنف أنفاسه .. قال لها :- لم تمنحيني ولو لمرة أي إشارة عن حبك لي .. منذ زواجنا .. بل منذ لقاءنا الأول .. كان نفورك مني واضحا .. كنت لا تدخرين جهدا في إظهار كراهيتك لي .. كان علي فعل المستحيل للاحتفاظ بك .. جربت الصبر والحلم .. جربت كل شيء دون فائدة .. انت كنت تتسربين من بين أصابعي كالزئبق .. تزهين ببغضك لي .. وتتبجحين بعلاقتك بماهر أمام الجميع .. حتى عندما بدأت تلينين .. وخلال الأيام التي قضيناها معا في المنزل الجبلي .. لم أر أي دليل منك على مبادلتك لي المشاعر .. وفجأة .. انقلبت دفعة واحدة .. وأصبحت كراهيتك لي مضاعفة .. وجدت نفسي أخسرك .. فلم يكن أمامي من سبيل سوى الضغط عليك وتذكيرك بحاجتك إلي
سالت دموعها وهي تهز رأسها هامسة :- توقف .. أرجوك .. لا أريد سماع المزيد
قال بخشونة :- ما الذي تريدينه إذن ؟ أن أقف جانبا .. وأراقبك ترحلين .. لا والله لن أسمح لك بالرحيل .. ليس بعد أن أخبرتني في زلة غضب بأنك قد أحببتني يوما .. كنت أكاد اموت خوفا عليك بعد ان اخبرني ماهر عن السيارة التي حاولت صدمك .. إلا أنني بعد أن أسمعتني بعد عناء طويل الكلمة التي انتظرتها طويلا .. لم أفكر إلا بالوصول إليك .. وقد عرفت باننا سنجد في النهاية حلا لكل مشاكلنا ما دام الحب موجودا بيننا .. وها اننا قد تعادلنا الآن إذ أنني انا الآخر قد أصبحت ابن اخ مجرم وقاتل في نظر القانون والناس .. لم تعد هناك لي أي أفضلية عليك .. لقد أحببتني يوما يا نانسي .. وأنا قادر على استعادة ذلك الحب إن سمحت لي بالمحاولة فقط
اقترب منها فابتعدت وه يتقول بانفعال :- لا يا محمود .. لا أستطيع ان احبك .. لا أريد أن احبك فأتألم أكثر.. لا أريد أن أكون واحدة من كثيرات في حياتك .. هذا ليس كافيا بالنسبة إلي .. أنت لا تعرف أبدا كيف تكون مخلصا .. وانا لن أحتمل المزيد من خياناتك لي
تجمد مكانه وهو يقول بتوتر :- ما الذي تتحدثين عنه يا نانسي ؟ أنا لم أخنك يوما
قالت بوحشية :- لا تكذب يا محمود .. أعرف تماما تاريخك الحافل مع النساء .. وأعرف أيضا بأنك لا تستطيع الاستغناء عن حاجتك للتنويع .. وتنقلك من زهرة إلى اخرى ذات نكهة مختلفة
برقت عيناه بغضب وهو يقول:- أنت تهذين .. لا أنكر بانني عرفت عددا من النساء قبلك .. فأنا لست شابا صغيرا .. كلها كانت علاقات عابرة لم تعن لي شيئا .. وقد توقفت تماما فور ان عرفت بمشاعري نحوك .. ورغبت بالزواج بك
هتفت بعنف :- علاقات عابرة !.. هل تسمي إشرافك على الزواج من نسرين علاقة عابرة ..؟ حتى أنك تركتها دون أي إنذار وتزوجتني دون حتى ان تفسخ خطبتك اولا
قال مذهولا :- من أين جئت بهذا الكلام ؟ انا ونسرين لم نكن يوما خطيبين .. كانت تربطنا علاقة سطحية لا أكثر .. أحبت هي أن توهم أصدقائها بان الامر جدي وأن مشروع زواج سيجمعنا قريبا فلم أبالي .. نسرين كانت دائما فتاة مدللة وسريعة الملل .. عرف كل منا بان علاقتنا لن تنتهي إلى أي شيء .. أي مشاعر كنت احملها اتجاه نسرين انتهت منذ فترة طويلة
هتفت به بثورة :- انت تكذب .. انت حتى لم تنفي رغبتك بها في تلك الحفلة .. لقد أردتها .. اشتهيتها ثم جئت إلي راغبا في معاشرتها من خلالي
بشاعة كلماتها جعلته يشحب من جديد .. جلس على الأريكة .. وأخفى رأسه بين يديه .. وبدا وكان حملا ثقيلا يجثم فوق ظهره .. مما جعلها تفقد شيئا من حدتها وتنظر إليه بقلق .. وقد تذكرت جراحه .. وقبل ان تسأله عن حاله تمتم :- لقد كذبت عليك تلك الليلة يا نانسي .. الرغبة التي وجدتها في عيني أثناء حديثي مع نسرين لم تكن موجهة نحوها .. لقد كانت تسألني عنك .. إن كنت أحبك ... وإن كنت ترضينني بما يكفي .. وإن كنت أشعر نحوك كما كنت أشعر نحوها .. كانت تعاتبني وتحاول تذكيري بعلاقتنا القديمة .. ونعم كانت تلفت نظري إلى ما تمتلكه وكان يفتنني يوما .. إلا انني في تلك اللحظة .. كل ما كنت أفكر به هو انت .. رغم جمود علاقتنا في ذلك الوقت وبعدها عن الحميمية .. تذكرت الساعات التي كنت أقضيها ليلا في النظر إليك أثناء نومك .. تذكرت المتعة التي كنت أجدها حتى في لمس يدك والنظر إلى عينيك .. لقد كنت أراك امام عيني وانا اكلمها وأقارنها بك .. فسقطت على الفور في المقارنة .. أدركت بأن امرأة أخرى لن ترضي قلبي وروحي وجسدي .. عرفت بانني ساعود تلك الليلة وأسعى إلى حبك من جديد .. أجبتها في تلك اللحظة بأنني لم أشعر اتجاه امرأة كما أشعر اتجاهك .. وانك ترضينني بكل طريقة ترضي بها المرأة الرجل
هزتها كلماته .. وصدمتها .. وجعلتها تساله باضطراب :- لماذا كذبت علي إذن ؟ لماذا جرحتني بتلك الطريقة تلك الليلة ؟
رفع رأسه وهو يقول متهكما :- ماذا تظنين ؟ لقد كنت احاول إثارة غيرتك .. كنت قد يئست حتى من النجاح في تحريك مشاعرك .. تلك الليلة رفضتني بعنف جعل إحباطي وغضبي يدفعانني لاستعمال سلاح آخر أعرف بأنه من أشد الأسلحة فتكا بالمرأة .. وهو سلاح الغيرة .. هل رأيت إلى أي حد كنت يائسا ؟ نسرين لم تكن تعني لي شيئا إلا أنني استعملتها بلا ضمير مي احصل عليها
قالت بمرارة :- وقد نجحت .. أليس كذلك ؟ أنا كالبلهاء قدمت لك نفسي على طبق من ذهب .. وتركتك تأخذني إلى عش الغرام الذي اعتدت أخذ عشيقاتك إليه .. ذلك المكان الذي شهد علاقتك الفاضحة والمخزية بريم
نهض قائلا بانزعاج :- ما الذي تقولينه بحق الله ؟ أما زلت تشيرين إلى علاقتي الوهمية بريم ؟ لقد سبق وأخبرتك بأن ريم لم تعني لي شيئا سوى كونها ابنة عمي والاخت التي لم أحظ بها .. نعم .. فكرت يوما في الزواج بها ولكنني لم أستطع لانني لم أحبها يوما
هتفت بانفعال :- لقد أخبرتني بنفسها يا محمود .. أخبرتني عن استغلالك لها .. ولقائك بها بعيدا عن اعين والديها ثم تخليك عنها فور أخذك ما أردته منها .. لماذا قد تكذب أي فتاة وتهين نفسها وتسيء إلى شرفها إن لم يكن ما تقوله صحيح .. بحق الله لقد عرفت تفاصيل كل ما حدث بيننا هناك .. عرفت كل شيء عن العشاء والشموع والازهار .. عرفت لأنك كنت تفعل لها المثل عندما كنت تأخذها إلى هناك .. انت كنت حبيبها ومازلت حتى الآن .. فانت لم تنكر حتى بانك قد أخذتها إلى البيت الجبلي بعد شجارنا .. بعد ليلتنا الأولى .. كيف استطعت فعل هذا . كيف ؟
خنقتها الدموع مما جعل عبارتها الاخيرة ترتجف .. أمسك محمود بذراعيها .. وهزها بقوة وهو ينظر إلى وجهها صائحا بغضب :- ريم كاذبة يا نانسي .. كاذبة .. لقد كنت وحدي في البيت الجبلي حتى جاءت برفقة فراس وقد خمنا وجودي هناك وعرفا بشجارنا بطريقة ما .. قضيا بعض الوقت قبل أن أطلب منهما المغادرة بعد أن حذرتهما من البوح بمكان وجودي لأحد .. لا اعرف كيف عرفت ريم بتفاصيل ما حدث بيننا .. ربما كان تخمينا صائبا منها .. أو ربما سألت العائلة التي طلبت منها تجهيز الكوخ لنا .. إلا انها كاذبة لعينة وانا لم ألمسها يوما
صرخت به بجنون :- لقد رأيتك يا محمود .. رأيتك تقبلها ذلك الصباح .. هنا .. في هذه الغرفة وعلى ذلك المقعد .. فتوقف عن الكذب علي لأنني لا أستطيع احتمال المزيد .. لن أحتمل المزيد أرجوك
انهارت باكية بعنف وقوة هزت كيانه .. فسحبها إليه يضمها إلى صدره ..ويرفع رأسها لتنظر إلى وجهه وهو يقول لها بحزم :- ذلك الصباح .. انا لم أقبلها يا نانسي .. لقد دخلت المكتب أثناء وجودي فيه .. وتظاهرت بالرغبة في سؤالي عن شيء ما .. وتعثرت فجأة وسقطت فوقي .. ثم قبلتني دون إنذار .. لو كنت انتظرت للحظات فقط قبل أن تهرعي إلى غرفتك وتبدأي بتوضيب حاجياتك لرأيتني أدفعها عني وأصفعها معنفا وموجها لها الكلمات القاسية .. ثم صعدت إلى غرفتنا وقلبي موقن بان المرأة الوحيدة التي أرغب بتقبيلها نائمة هناك .. كنت اهم بمصالحتك .. وإيقاظك بنفسي عارضا عليك بداية جديدة لحياتنا لأجدك في تلك اللحظة ترمين أغراضك في الحقيبة الكبيرة بنية الرحيل .. لقد انتابني الجنون وأنا أفكر بتركك لي .. فحاولت منعك .. أعرف بانني قد وجهت إليك الكثير من الكلمات البشعة .. إلا انني كنت يائسا عندما وجدتك تضيعين مني .. عرفت بأنك وبسبب معاملتي السيئة لك قد ترحلين إلى الأبد .. وعندما فقدت الوعي بين ذراعي.. وأشار الطبيب إلى امكانية الحمل .. تجدد الأمل داخلي وعرفت بأن هذا الطفل هو فرصتنا لنصحح جميع أخطائنا ونبدأ من جديد .. لأجدك قد رحلت فجأة دون أي كلمة عن مكانك
ارتسمت التعاسة التامة في عينيه وهو ينظر إلى عينيها الدامعتين الشاخصتين إليه بعدم تصديق .. فأحاط وجهها بيديه وقال بصوت أجش :- قولي بأنك تصدقينني يا نانسي .. وأنك ترفضين تصديق أكاذيب ريم .. قولي بانك لا تصدقين بانني ذلك السافل المستعد لاستباحة عرض ابنة عمه .. وخيانة زوجته تحت سقف بيتها .. أخبريني بأنك لا ترينني حقيرا إلى ذلك الحد
احتاجت نانسي إلى لحظات قليلة كي تدرك الحقيقة .. كي تدرك بان محمود الذي عرفته لأشهر .. محمود الذي جماها وحمى عائلتها .. والذي اعتنى بأمها وشقيقتها .. الذي منحها حبه وحنانه وصبره .. لا يمكن أن يكون كما وصفته ريم .. عرفت بانها قد أساءت الظن به .. وأنها لم تمنحه أي شيء من الثقة في الوقت الذي منحها الكثير .. عرفت بانها تحبه إلى حد يدفعها لمسامحته على كل أخطاءه معها ومنحه فرصة جديدة لبناء ثقتها به من جديد .. عرفت بانها لو تجرأت منذ البداية على البوح له بشكوكها ومخاوفها .. لوفرت على كليهما كل هذا العذاب والالم ..والشعور بالوحدة .. عرفت بأنها قد فضلت تصديق فتاة مريضة وغير متزنة كريم على تصديق الرجل الذي تحب وتحتاج .. فلم تحتمل كل هذه الحقائق .. سالت دموعها بغزارة سرعان ما تبعها نشيج عنيف .. بكت هذه المرة حزنا على ما سببه كل منهما للآخر من ألم دون أن يدرك .. سحبها إلى الأريكة الجلدية ..وأجلسها عليها وهو يضمها بقوة تاركا إياها تذرف الدموع على صدره .. ربت على شعرها وهو يهمس :- لماذا لم تخبرينني بكل هذه الشكوك والوساوس التي كانت تثقل قلبك يا حبيبتي .. لماذا لم تواجهيني بالحقيقة ولو لمرة وتسأليني عنها .. لماذا تركت نفسك تتألمين بصمت بسبب أكاذيب ريم ؟
قالت دون أن ترفع رأسها .. ودون ان تتوقف عن البكاء :- لقد خفت .. خفت ان تؤكد لي كلامها وأنا ما كنت لأحتما هذا .. لم أستطع أن اصدق بأنك تحبني حقا وقد أظهرت لي مرارا امتعاضك مني واحتقارك للشخص الذي كنته لسنوات طويلة
أجبرها على النظر إليه .. وقال لها مجددا بصوت حازم :- أنا أحبك .. أحبك يا نانسي .. أحبك بكل عيوبك ومزاياك .. لا .. أظنني احبك لعيوبك فقط .. فما كنت لأجد على الإطلاق فتاة تجتمع فيها وفي آن واحد صفات رائعة كالقوة والصلابة والانوثة والضعف .. أحبك بكبريائك وتكبرك .. بغرورك وغيرتك .. بعنادك وتطرفك .. احبك .. ولا أريد أن اغير شعرة واحدة منك .. لأنني أدركت بانني لا يمكن أن أعيش لحظة واحدة بدونك
تغلغلت كلماته القوية إلى داخل كيانها وهزتها حتى الاعماق .. نظرت إلى وجهه الوسيم الحبيب .. إلى عينيه الصادقتين .. وعرفت بانه يقول الحقيقة .. فتجرأت أخيرا على ان تنطق بالكلمة السحرية التي طال شوقه إليها .. وهمست :- أحبك
ترقرقت الدموع في عينيه هذه المرة وهو يسحبها .. ويقبلها بحرارة ولهفة أنستها تماما واقعهما .. لفترة طويلة .. لم يستطع احدهما ترك الآخر .. حتى همس لها بصوت محموم :- لنصعد إلى غرفتنا
نظرت إليه وقد أعماها شوقها إليه .. وتلهفها الذي فاق تلهفه .. إلا انها تذكرت شيئا جعلها تغمغم بقلق :- ماذا عن جراحك ؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامة لعوب وهو يقول :- لن يوقفني شيء وقد احتويت بين ذراعي أغلى ما اتمنى
تورد وجهها عندما عاد يقبل وجنتها الناعمة وعنقها الغض فتمتمت :- ربما .. ربما علينا المرور على جدتك اولا .. إن رأتنا معا فستطمئن إلى اننا قد تصالحنا أخيرا .. أنت لم تظن حقا بانها قد صدقت قصصك الملفقة بغريزتها المتيقظة
أطل التقدير من عينيه لاهتمامها بمشاعر جدته وقال :- عرفت بانني لم أخدعها
عندما فتح الباب فجأة .. سقطت عند أقدامهما كل من نجوى وحنان اللتين كانتا تحاولان استراق السمع .. ومن خلفهما ظهر باقي الخدم وقد بدوا كمن ضبط متلبسا .. لوى محمود فمه بامتعاض وهو يغمغم :- أحيانا أفكر بان المستخدمين لدي بحاجة إلى التأديب من حين إلى آخر
ثم رفع صوته قائلا بصرامة :- الكل مفصول من العمل لمدة ثلاثة ايام
تراجع الجميع وقد علت ابتسامة هي مزيج من الرضا والخبث وجوههم .. وقد عرفوا بأن رئيسهم لم يقصد طردهم حقا .. إنما هو يرغب فقط بأن ينفرد بزوجته الصغيرة والجميلة لأكبر وقت ممكن .. زوجته التي يحبها بجنون
[size=24]
النهــــاية
تمت بحمد لله
اتمني تنال اعجابكم [/size]
تقييم المساهمة: 100% (1)
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19719
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
- ✎ مساهماتي : 479
- $ نقاطي : 18599
- ✿ الاعجابات : 68
- ♥ عمري : 22
- ✔ تسجيلي : 28/03/2015
.25/6/2015, 00:23
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اهلا اخبارك يا مبدعهـــ رواية تستحق القراءةة
يسلمو اناملك على حسن اختيارك ..و الله راقتلي
سطورها و كلماته و ابداعاتها و الله العظيم قرأتها كلها
و الله لاأعرف لما أنت غير متواجده هذه الايام و الله اتمنى رجوعك
واصلـــــــــــــــــــــي و تقبـــــــــــــــــــــــــــــــــلي مروري
فـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي أمان الله
تقييم المساهمة: 100% (1)
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الفصل العشرون
ألم لا ينتهي
تركت نانسي أوراقها عندما دوى رنين هاتفها المحمول المرمي إلى جوارها على الأريكة حيث كانت تحاول جاهدة ان تدرس في غرفتها .. ابتسمت عندما لمحت اسم ماهر وأجابت عن المكالمة قائلة :- لا .. لست ندى .. لقد اخطأت الرقم
ساد الصمت للحظات طويلة كادت خلالها تنفجر ضاحكة .. قبل ان تسمع نحنحته المحرجة وهو يقول :- لا .. لم أخطئ الرقم .. كيف حالك يا نانسي .. لقد أصبحت كسولة هذه الأيام بغيابك المتكرر عن الجامعة
كانت تحب إغاظته منذ بدأت الخيوط الوردية تلف علاقته بندى زميلتهما الحسناء الخجول .. ولمعرفتها بأن ماهر أكثر خجلا في هذه الأمور من صديقته تجاهلت الموضوع قائلة :- لا أشعر برغبة في رؤية أحد .. أو حتى الخروج من غرفتي
قال بتعاطف :- أمازلت حزينة بسبب سفر لينا ؟
ابتلعت غصة وهي تتذكر سفر لينا قبل أسبوع .. لقد منعت نفسها بصعوبة من البكاء وهي تودعها في المطار .. لم تبك حتى بعد أن عادت إلى البيت .. اكتفت بحبس نفسها في غرفتها في عزلة عن العالم الخارجي تفكر بمسار حياتها الغريب .. لم تفكر قبل أشهر قليلة بأن الأمر سينتهي بها يتيمة الأبوين ... بلا أخت تؤنس وحدتها وتمنحها الدعم .. متزوجة من رجل لا تعرف مشاعره او نواياه اتجاهها
ما الذي منعها بالضبط من مصارحة خالها بعدم سعادتها في هذا البيت .. والسفر برفقته وبرفقة لينا ؟ .. لا تعرف .. ولكنها حتما لم ترغب بالابتعاد عن محمود وتركه للفتيات المستعدات دائما للحلول مكانها .. الحالة الوحيدة التي ستدفعها للرحيل هي يقينها التام من عدم حبه لها .. أو خيانته لها .. وهو ما لم يحدث حتى الآن .. وهي لن تتحرك من هنا حتى تعرف ما يخفيه عقل زوجها الغامض عنها
تمتمت :- لقد بدأت أعتاد على الامر
:- هل سأراك صباح الغد إذن ؟ الامتحانات على الأبواب .. وعليك تعويض ما فاتك .. سأصور لك محاضرات الأسبوع الماضي طبعا وسأحضرها معي غدا
ابتسمت وهي تتخيل الاخلاص في عينيه البنيتين من الطرف الآخر وقالت ممتنة :- شكرا لك يا ماهر .. لا أعرف حقا ما كنت لأفعله من دونك
انتفضت عندما دوى صوت انصفاق باب الغرفة .. والتفتت نحو محمود الجامد الملامح مما ناقض نيران الغضب المستعرة في عينيه .. تعمدت أن تقول وهي تلاقي نظرات محمود بتحدي :- اتطلع بشوق لرؤيتك صباح الغد يا ماهر .. إلى اللقاء
أنهت المكالمة ونظرت إلى محمود الذي خلع معطفه الثقيل ورماه على السرير بإهمال فقالت بلا مبالاة :- لقد عدت باكرا
قال بجفاف :- نعم فعلت .. لقد ظننت بأن زوجتي الحزينة لفراق شقيقتها بحاجة إلى مواساتي .. لأجد بأن حبيب القلب قد قام بهذه المهمة
وقفت قائلة بحدة :- لا تقل هذا عن ماهر .. لقد سبق وأخبرتك بأننا صديقين فقط
تقدم نحوها وهو يصيح غاضبا :- وقد سبق وأخبرتك بأنني أرفض مصاحبتك له والتسكع معه
قالت بعناد :- لا تستطيع منعي .. أنا حرة وأستطيع فعل ما أريد
قبض على ذراعها فجأة وشدها إليه قائلا من بين أسنانه :- هل تتحدينني يا نانسي ؟
كبتت صيحة ألم سببته لها أصابعه القاسية .. ورفعت عينيها الخضراوين نحوه لتصدم بقربه الشديد منها .. تمكنت من استنشاق رائحة عطره .. بينما تجولت عيناه الغاضبتان فوق صفحة وجهها قبل أن تتوقفا عند فمها الناعم .. لم تخطئ فهم اللهيب الذي حل محل الغضب في نظراته .. المشكلة هي أن اضطرابا غير مرغوبا به بدأ يسري في كيانها .. إذ أخذت نبضات قلبها تتسارع وهي تشعر بحرارة أنفاسه تلفحها ..لا .. لن تسمح لنفسها أبدا بالضعف أمامه
رفعت ذقنها وهي تقول بوقاحة :- ما الأمر ؟ هل ستغتصبني مجددا
توتر فمه وعاد الغضب يكتسح الرغبة في أعماق عينيه الداكنتين .. قست أصابعه حول ذراعها حتى كادت صيحة الألم تفلت من بين شفتيها .. قال ببرود :- حصول ا لرجل على ما هو له لا يسمى اغتصابا
قالت بغيظ :- أنا لم ولن أكون لك أبدا
شدها إليها حتى التصقت به وهو يقول بخشونة :- هل تراهنين ؟
ارتجفت وهي تشعر بقوة عضلات صدره تعانقها .. وذراعيه المحكمتين حولها .. أحست بخدر غريب يلفها وقد سيطرت عليها جاذبيته فلم تستطع دفعه بعيدا .. أما هو .. فقد نظر بقسوة إلى اضطرابها الشبيه باضطراب الفأر العالق في المصيدة .. ثم مط شفتيه بازدراء وهو يقول :- للأسف الشديد .. لا مزاج لدي اليوم لتناول وجبة باردة لا حياة فيها
عندما تركها كانت وجنتاها قد احمرتا غيظا وهي تغمغم بحقد :- أكرهك
ابتعد وهو يقول ببرود :- وكأن مشاعرك نحوي تهمني بأي طريقة .. أظن بأن العمة منار قد أخبرتك عن الحفل الذي يقيمه السيد رفيق محجوب
دلكت ذراعها حيث كان يمسك بها وهي تقول :- طبعا أخبرتني
:- هذا جيد .. اشتري لنفسك ثوبا جديدا ملائما للمناسبة .. فهذا سيكون ظهورنا الأول أمام الناس والمجتمع
غاظتها طريقة كلامه الباردة وكأنه يتحدث إلى مستخدم لا قيمة له لديه .. قالت بتهكم :- أه .. تذكرت بأنك تزوجتني لأشرفك أمام الناس .. أمرك سيدي .. سأشتري ثوبا جديدا وأبدو في أروع مظهر ممكن يليق بسيادتك .. سيدي .. هل من أوامر أخرى ؟
كان قد فتح باب الغرفة بنية الخروج وكأنه لم يعد يحتمل البقاء معها في مكان واحد .. التفت إليها ونظر إليها ببرود شديد وهو يقول :- لا تراهني كثيرا على حسن حظك يا نانسي .. مهما كان صبري طويلا فإنه سينفذ في النهاية
ثم غادر تاركا إياها تفكر بكلماته بقلق .. هي لا تتعمد ابدا إثارة غضبه .. ولكنها تفعل هذا كوسيلة دفاع كلما أحست بنفسها ضعيفة أمامه .. زفرت بقوة وهي تتجه نحو النافذة .. لا مزاج لها لحضور ذلك الحفل .. وأين المتعة في لقاء أشخاص لا تعرفهم يحدقون بها وهو يفكرون بوالدها وبما دفع محمود للزواج منها ؟
رفيق محجوب هو رجل أعمال مرموق .. وصديق قديم للعائلة .. الكل مدعو لحضور الحفل.. العم طلال وزوجته .. ريم وفراس .. وهذا يعني أنها يجب أن تبذل مجهودا مضاعفا في الاهتمام بنفسها كي تثير غيرة ريم وغيرها من الفتيات بينما هي ترافق محمود
على غير عادتها لم تثر فيها الفكرة الحماس .. وتمنت لو تجد عذرا يمنعها من الذهاب .. ولكنها لا تظن محمود قد يمنحها أي عذر خاصة بعد الطريقة التي أغضبته فيها
اختارت للمناسبة ثوبا بلون التوت .. بدا رائعا على بشرتها القمحية الناعمة .. والتف حولها ملفتا النظر إلى جمال وتناسق جسدها النحيل .. كان محتشما بشكل خادع .. فالذراعين وأعلى الصدر والظهر كاملا كان مغطى بالدانتيل الشفاف المطرز بنعومة .. بينما أظهرت التنورة الضيقة والواسعة من الأسفل كالسمكة انسيابية جسدها .. تحلت بالعقد الماسي الذي أعطاها إياه محمود صباح اليوم بلا مقدمات وهو يقول بجفاف بأن الناس ستنظر فورا نحو عنقها وأذنيها ليقيموا حليها وإن كانت ملائمة لزوجة محمود فاضل أم لا
زينت أذنيها بالقرط الماسي الذي تدلى ملفتا النظر إلى عنقها الطويل الرشيق .. ثم تبرجت ببراعة وصففت شعرها على شكل تاج صغير تدلت منه خصلات ناعمة التفت حول وجهها
بدت رائعة .. بل مذهلة الجمال .. تاقت لتعرف رأي محمود بها .. ولكنها تعمدت أن ترتدي ملابسها في الحمام وتتأخر حتى تتأكد من خروجه كي تجعل مظهرها مفاجأة له
ارتدت معطفها الجميل المحلى بالفراء .. وخرجت من غرفتها وهي تتهادى فوق حذاء مذهل عالي الكعبين
كان محمود في انتظارها في البهو برفقة عمه وفراس وقد ارتدى كل منهم حلة كاملة شديدة الأناقة فبدا الثلاثة بهجة للنظر .. اما محمود فقد بدا رائعا وشديد الوسامة وهو ينظر إليها خلال نزولها الدرج ببطء .. لم ير شيئا من فستانها بعد .. إلا ان عيناه تعلقتا بوجهها الجميل المتورد مما جعلها ترتعش خجلا
السيدة منار كانت جاهزة أيضا بفستان كلاسيكي أسود في غاية الاناقة .. نظرت إلى الساعة قائلة بنزق .. ستؤخرنا ريم كالعادة
دوى صوت ريم من الأعلى يقول :- انا جاهزة .. لا داعي لمزيد من التذمر
إن كانت نانسي تخبئ تأثير مظهرها حتى وصولها إلى الحفلة .. فإن ريم كانت بالعكس منها .. تمسك بمعطفها بيدها .. وتسير متمايلة بفستان رائع الجمال .. بزرقة داكنة .. عاري الصدر والذراعين .. أظهرت تنورته القصيرة جمال ساقيها الطويلتين
نظرت إلى محمود بدلال وهي تخاطب والدها :- انا جاهزة يا أبي .. لنذهب قبل أن نتأخر
ثم نظرت إلى نانسي مبتسمة بلؤم :- لا اطيق صبرا للوصول إلى الحفلة .. لدي إحساس بانها ستكون حفلة الموسم
رفعت نانسي رأسها وبادلتها نظرات التحدي وهي تتأبط ذراع محمود قائلة بنعومة :- هل نذهب ؟؟؟
قال بحزم :- هيا بنا
طبعا استعملت العائلة سيارتين .. واتجهت نحو مكان إقامة الحفلة في أحد أكبر فنادق المدينة .. صالة الاحتفال كانت واسعة للغاية وفي غاية الفخامة .. وقد زينت باحترافية من قبل خبير .. فور أن خلعت معطفها انصبت نظرات الآخرين عليها .. لم يستطع محمود إزاحة عينيه عن جسدها الملفوف في القماش ذي اللون المثير .. وقد أطلت من عينيه نظرة قالت الكثير رغم صمته الثقيل .. لفتا الأنظار فور دخولهما الصالة حيث أسرع السيد رفيق يحييهما برفقة زوجته الجميلة ذات الشعر المصبوغ .. التي رحبت بمنار وريم بحرارة .. بينما حيت نانسي بتحفظ وهي تهنئها على الزواج وتتأملها بفضول شديد .. كان على نانسي أن ترسم على شفتيها ابتسامة باردة وهي تتلقى نظرات الناس التي لاحقتها أينما ذهبت .. الرجال لم يتوقفوا عن التحديق في جمالها الغريب .. والنساء في تقييمها بالنظرات والهمسات .. بل أنها سمعت اسم والدها أكثر من مرة .. قالت زوجة السيد محجوب وهي تهنئ محمود :- مبارك يا محمود .. ليت والدتك كانت موجودة لتقابل عروسك الجميلة .. نسرين هنا في مكان ما وسترغب في رؤيتك بالتأكيد .. هي أيضا متحمسة للقاء عروسك
تجمدت نانسي وأحست بالهواء يقل من حولها .. نسرين هنا .. لماذا ؟ هل هي ابنتهما ؟ لماذا لم يخبرها محمود ؟.. ولماذا يخبرها إن كان لا يعرف بأنها قد أخذت فكرة مسبقة من ريم عن علاقته بها ؟
لم يظهر أي رد فعل عليه وهو يقول باسما :- سأراها لاحقا بالتأكيد
أما ريم فقد ابتسمت بتشفي مما جعل نانسي تعرف سبب تشوقها لحضور الحفلة .. أمسك محمود بمرفقها وجذبها إلى داخل القاعة قائلا :- ما الأمر ؟ تبدين شاحبة ؟
تمتمت بتوتر :- أنا قلقة فحسب .. فأنا لا أعرف أحدا بينما يعرفك الجميع ويسرع للترحيب بك بينما يجبرون أنفسهم حتى على النظر إلي
نظر إليها متفحصا وهو يقول :- أنت زوجتي .. ومن يعرفني يجب أن يعرفك شاء أم أبى .. أنا متأكد بأنك واهمة .. لقد وصلنا للتو وها أنت تسمحين لشبح فضيحة والدك بإفساد وقتك
منعت نفسها بصعوبة من اطلاعه على السبب الحقيقي لتوترها .. فهي ستقابل الفتاة التي كان من المفترض بمحمود أن يتزوجها .. إن كانت خطيبته كما قالت ريم وقد أخلف بوعده بالزواج من أخرى فلم يظهر الغضب أو الانزعاج على والديها وهما يرحبان به .. نفورهما كان موجها نحوها فقط
سرعان ما بدأ معارف محمود بالتوافد لتهنئته والتحدث إليه حول العمل والسياسة كعادة الرجال .. بينما بدأت النساء بتقبلها والاندماج مع خلفيتها الارستقراطية التي جعلتها واحدة منهن رغم سمعة والدها .. العقد الماسي المحيط بعنقها قد قام بفعله وأسال لعابهن وجعل الاحترام يقفز فورا ليغلف معاملتهن لها .. لقد كان محمود محقا في فهمه للمجتمع
كانت تتحدث إلى سيدة مسنة .. تومئ لها بصبر متظاهرة بالاستماع حتى أحست بأنها أصبحت بعيدة عن محمود .. اعتذرت للسيدة وقد وجدت أخيرا عذرا يمكنها من الفرار .. ثم أخذت تبحث بعينيها هنا وهناك عن زوجها حتى وجدته واقفا برفقة صاحب الدعوة ورجل آخر .. يتبادلون حديثا جديا فأخذت تراقبه وتتأمله بشغف من بعيد .. متعجبة من نفسها .. كيف غفلت يوما عن وسامته الشديدة وجاذبيته الفياضة .. كيف تتلمذت على يديه لسنوات دون أن أقع في حبه ؟ هل كنت عمياء وأنانية إلى حد العجز عن رؤية أي شيء غير نفسي في تلك الفترة ؟
اقتحمت فتاة الجمع الرجالي فجأة وهي تقول شيئا وهي تضحك أثار ضحك الرجال .. نظرت إلى محمود وكلمته بحرارة وكأنها تعرفه منذ فترة طويلة .. بينما رد عليها هو بعفوية جعلتها تتأبط ذراعه بدلال وهي تحدث السيد رفيق
خفق قلب نانسي بقوة .. أحست بأطرافها باردة للغاية وهي تحدق في الفتاة الحسناء .. كانت شديدة الجمال ببشرة سمراء ناعمة لا شائبة فيها .. وشعر شديد السواد انسدل خلف ظهرها بحرية .. كانت ترتدي ثوبا أبيضا احتضن قوامها الأنثوي بإحكام مظهرا تفاصيله .. من تكون هذه المرأة ؟ هل هي .. ؟
لم تكن بحاجة إلى مزيد من التساؤل .. فقد سمعت صوت ريم يقول من خلفها .. :- لماذا تقفين وحيدة يا عزيزتي ؟
تلقائيا نظرت إلى حيث تحدق نانسي المتوترة .. ثم ابتسمت بخبث قائلة :- رأيت نسرين إذن .. ما رأيك بها ؟ جميلة .. صحيح ؟.. تعتبر نسرين من أشهر فتيات المجتمع الراقي وأكثرهن جمالا وثراءا .. أرجو ألا تشعري بالتهديد منها
قالت نانسي بتوتر :- ولماذا علي أن أفعل ؟
تجاهلت ريم سؤالها .. ونظرت إلى محمود ونسرين الذين أصبحا وحيدين فجأة وقالت :- ألا يبدوان جميلين معا ؟ .. يليق كل منهما بالآخر وكأنه قد خلق له
ثم نظرت إلى نانسي قائلة بتشفي :- ألم تدركي يا عزيزتي حتى الآن بأنك سخرية الحفل ؟ الكل يعقد المقارنات بينك وبين نسرين .. الكل يتساءل عما أصاب محمود ليتزوج بفتاة مثلك ويترك امرأة حقيقية مثلها .. لا أستطيع أن أحسدك بعد الآن ...فكل ما أشعر به اتجاهك هو الشفقة يا نانسي
تركتها وفي عينيها بريق الانتصار .. وعادت إلى مجموعة من الفتيات انفجرن في الضحك فور بدأت ريم بالكلام وهن ينظرن إلى نانسي المجروحة .. كالعادة كان غضبها هو وقود قوتها .. فوجدت نفسها تسير نحو محمود ورفيقته التي كانت تقول له شيئا وفي عينيها نظرة عتاب مغناج .. قطع رده الهادئ فور أن رأى نانسي القادمة نحوهما .. لاحظ على الفور نظرة عينيها التين امتلأتا بدموع الغضب .. فأسرع يقول وهو يمد لها ذراعه :- أين كنت يا نانسي ؟ لقد بحثت عنك طويلا ..
آه .. نعم .. وأنا أستطيع الطيران .. :- أقدم لك نسرين .. إنها ابنة السيد رفيق
قالت نسرين وهي تبتسم لنانسي ببشاشة :- سررت لمعرفتك يا نانسي .. لقد سمعت عنك الكثير .. ليس من محمود بالطبع فهو شديد التكتم لابد وأنك قد عرفت هذا بنفسك بعد أشهر من الزواج
العبارات المبتهجة لم تخدعها .. والمعنى الخفي لم يفتها كما لم يفتها توتر محمود عنما قالت نسرين بدلال :- ابنة السيد رفيق !! تقولها وكأننا غريبين يا محمود .. وكأننا لا نعرف بعضنا جيدا منذ فترة طويلة
ثم عادت تنظر إلى نانسي التي يكاد الغيظ يأكلها ..وقالت :- لقد كنت أعاتب محمود لتوي على إخفائه إياك عن الجميع .. لا أعرف حقا سبب إقدامه على هذا .. فأنت حلوة للغاية .. وأظن بأننا سنكون صديقتين
في أحلامك .. ابتسمت نانسي وهي تقول ببرود :- بالتأكيد
أمسكت نسرين بذراع محمود وهي تقول لنانسي :- سأسرق منك محمود قليلا .. فأخي يبحث عنه منذ فترة لبحث موضوع معين معه .. أنت لا تمانعين .. صحيح
قالت نانسي مبتسمة ببرود :- على الإطلاق ..
لاحظ محمود الغضب البارد تحت القشرة الهادئة لنانسي .. فخاطب نسرين قائلا :- سألحق بك بعد قليل
رفرفت الفتاة له بعينيها قبل أن تبتعد وهي تتمايل بدلال جعل دماء نانسي تفور .. قال لها :- هل من مشكلة ؟ تبدين غاضبة ؟
لا والله لن تفرحه بإظهار الغيرة القاتلة التي تشعر بها .. ابتسمت قائلة بفتور :- ولماذا أغضب ؟ أنا أشعر بالملل فقط
بدا الاعتذار على وجهه وهو يقول :- أنا آسف لأنني قد تركتك وحيدة .. لدي الكثير من المعارف والشركاء بين الحضور .. أعدك بأن أتفرغ تماما لك بعد دقائق
قالت بابتسامة جامدة :- لا تقلق .. سأكون بخير .. كما أن ريم تقوم بواجبها في تسليتي كما يجب
عبس قائلا :- ماذا تقصدين ؟
قالت بابتسامة حلوة :- أقصد ما فهمته يا زوجي العزيز .. من الواضح أنك تعرف ابنة عمك جيدا لتقدر مدى استمتاعها بهذا الحفل .. إنها ترغب بمشاركتي في متعتها فقط
ارتفع صوت نسرين ينادي محمود عبر القاعة المزدحمة .. فنظر إليها بنفاذ صبر وهو يقول لنانسي :- سنتحدث لاحقا .. وستفسرين لي كلامك
ابتعد تاركا إياها .. فانزوت في مكان بعيد وهي تحتسي كوبا من العصير قدمه لها أحد المضيفين .. كانت تشعر بالحزن والاكتئاب في مكان ممتلئ بأشخاص يكرهونها .. أحست بالصغر وانعدام الثقة بالنفس وهي تفكر بنسرين .. تلقائيا بحثت عنها بعينيها لتجدها كما توقعت تكاد تلتصق بزوجها المنهمك في الحديث مع شاب يشبه نسرين قليلا .. تأملت الفتاة مليا وهي تتذكر كلمات ريم .. (الكل يتساءل عما أصاب محمود ليتزوج بفتاة مثلك ويترك امرأة حقيقية مثلها)
ما الذي يميزها عنها .. فنانسي لا تقل عنها جمالا .. إنها تفتقر فقط لامتلاك جسد ناضج الأنوثة كجسد نسرين .. جسد امتلأ بالمنحنيات والارتفاعات الواضحة عبر الفستان الضيق .. والمحملة بدعوة صريحة لأي رجل
كزت على أسنانها بغضب وقد أعمتها الغيرة .. لا .. محمود لا يهتم لهذا النوع من الجمال وإلا ما كان تزوج بها هي .. ولكنه أيضا تزوج بها ليساعدها في تخطي مشاكلها وليس لأنه مغرم بها
.. انصرف الشاب تاركا محمود ونسرين وحدهما .. التفتت نسرين نحوه وأخذت تتحدث إليه وهي تمرر أصابعها ذات الأظافر المطلية فوق سترته السوداء الأنيقة وهي تقول شيئا .. بينما تتبع هو لمستها بعينيه ثم عاد ينظر إليها
أحست نانسي وكأن يدا ثقيلة تهوي على وجهها .. بالكاد لاحظت نظرات الناس إليها .. وقهقهة ريم وصديقاتها وهي تندفع كالعمياء نحو أقرب مخرج أوصلها إلى الشرفة .. كان البرد شديدا ولكنها بالكاد أحست به
تفجرت دموعها وسالت كالأنهار فوق وجنتيها وشهقاتها تتعالى بانهيار .. أحست بأنها تختنق .. وبرغبة عارمة بأن تموت الآن عل شيئا من ألمها يزول ويختفي .. علها تنسى ما رأته قبل لحظات
لقد كانت نسرين تقف إلى جوار محمود على بعد مسافة منه .. مظهرهما ما كان ليوحي بأي شيء لولا أن نانسي رأت بوضوح النظرة التي ارتسمت في عيني محمود وهو ينظر إلى نسرين
لقد كانت نظرة مفعمة بالرغبة .. الرغبة الخالصة ..
تلك النظرة التي رأتها ليلة حصل محمود عليها .. أحست وهي تتذكرها بطعنة نجلاء تشق قلبها إلى نصفين ... لماذا .. لماذا ؟
تعالى نشيجها وهي تشعر بالألم ينخر في صدرها بلا رحمة .. لقد قتلتها تلك النظرة .. فهي لم تكن مجرد نظرة .. لقد كانت اعترافا .. اعترافا بحقيقة العلاقة التي ربطت بين محمود ونسرين فيما مضى .. اعترافا بأن في قلب محمود مشاعر جياشة نحو نسرين .. اعترافا بأنه لم يحبها يوما .. وإلا ما كان انجذب لغيرها بهذه السهولة
أحست بالغضب الشديد .. بالقهر والإذلال .. عاد إليها ذلك الشعور يوم عرفت بأن محمود هو من أنقذها .. الشعور بأنها واجب حمله محمود فوق ظهره دون أن يرغب ..
ارتفع رنين هاتفها من داخل حقيبتها الصغيرة .. أهملته إلا أنه عاد للرنين بإصرار .. فأخرجته بيد مرتعشة مدركة تماما هوية المتصل .. فور ردها كان صوته يهتف بغضب :- أين أنت يا نانسي بحق الله ؟ أبحث عنك منذ نصف ساعة
هتفت بعنف :- ما الذي تريده مني ؟ لا أريد أن أراك أبدا
.. في ظروف أخرى كان ليرد على ثورتها بعنف .. إلا أنه لاحظ البكاء في صوته.. قال بتوتر :- هل أنت تبكين ؟ ما الذي حدث ؟
وكأنها كانت في انتظار سؤاله لتجهش في البكاء فقال بحدة :- أين أنت ؟ أخبريني الآن أين أنت بالضبط ؟
وجدت نفسها تخبره تحت إلحاحه .. وإذ به ينهي المكالمة فورا .. حاولت تمالك نفسها كي تستعيد شيئا من قوتها أمامه ولكنها لم تستطع .. نظرة عينيه وهو يلتهم منحنيات جسد نسرين الفاتنة كانت تذبحها في الصميم
وعندما سمعت صوت زجاج الباب يزاح .. وصوته يقول :- البرد قارص أيتها المجنونة .. هل تنوين قتل نفسك ؟
ضغطت أصابعها على زجاج الكأس بقوة جعلتها تتحطم في يدها فأسرع نحوها ليمسك بمعصمها وهو يشتم ويحاول إبعاد الشظايا عن يدها الدامية ثم يخرج منديلا من جيبه ليحيط جرحها به وهو يقول :- متهورة كالعادة وبحاجة إلى وصي يلاحقك كظلك
عندما نظر إلى وجهها لاحظ انهيارها وارتعاش جسدها الشديد فهتف من بين أنفاسه :- رباه .. ما الذي حدث لك يا نانسي؟
عادت تبكي بنفس الحرقة فأسرع يخلع سترته ويضعها حول كتفيها المرتعشين وهو يقول بوجوم :- سأتحدث إلى السيد رفيق كي نرحل حالا دون ضجة أو لفت للأنظار .. انتظريني هنا لأحضر لك معطفك
عندما تركها فكرت بألم .. كيف يمكنه أن يكون بهذا البرود .. كيف يتظاهر بالقلق علي والحزن لبكائي في الوقت الذي يكن فيه المشاعر لامرأة أخرى ؟ .. المنافق الحقير
الغضب نجح في السيطرة على إحساسها بالحزن .. ومنحها القوة اللازمة لتمسح دموعها وتستعيد شيئا من هدوئها مع عودة محمود بمعطفها.. سرعان ما كانا قد خرجا من الفندق وانطلقا بعيدا في سيارة محمود .. انزوت فوق مقعدها والتصقت بالنافذة وهي تتأمل الشوارع المظلمة وهي تشعر بتعاسة لم تعرفها يوما .. تعاسة لا تشبه أبدا إحساسها بالألم والعار بعد وفاة والدها .. أو إحساسها بالحزن واليتم بعد وفاة والدتها .. أو بالوحدة عند رحيل لينا ..
لقد كان إحساسا قاتلا لم تعرفه من قبل .. لقد كانت الغيرة .. الغيرة على رجل اكتشفت لتوها بأنه لم يكن لها يوما ولن يكون .. هل يمكن لألمها هذا أن يزول يوما أو أن يخف
سألها محمود وهو ينظر إليها بشكل عابر:- هل أنت مستعدة الآن للكلام والتحدث عما تسبب ببكائك في الحفلة ؟ هل وجه إليك أحدهم كلاما مسيئا أو ذكرك بوالدك ؟
لم ترد بكلمة .. بل عادت دموعها تسيل بغزارة جعلته يقول بتوتر :- نانسي
قالت بألم :- أرجوك يا محمود .. لا أستطيع الكلام الآن .. لا أستطيع
أتبعت كلماتها بشهقة جعلت أصابعه تنقبض فوق المقود وكأنه يحاول كبت عاصفة هائجة تدور داخله .. فور وقوف السيارة أمام المنزل أسرعت تنزل منها وتسير مسرعة إلى الداخل .. دخلت إلى غرفتها فلحق بها إلى هناك عندما خلعت معطفها وقال بصرامة :- هلا تكلمت الآن وأخبرتني عما حدث
قالت من بين أسنانها :- لا .. لن أتحدث إليك .. بل أنا لا أريد أن أراك على الإطلاق
قال بحدة :- نانسي .. راقبي ما تقولين
أدارت ظهرها له وهي تقول بضحكة مرة :- ماذا ستفعل يا محمود ؟ هل ستضربني ؟ لو تعرف كم أتوق لأن تفعل
أمسك ذراعها وأدارها إليه فأبعدته وهي تصيح بانفعال :- لا تلمسني .. إياك أن تلمسني .. أنا أكرهك .. هل سمعتني جيدا ..أكرهك
اندفعت نحو الحمام وأقفلته ورائها ثم انهارت على الأرض باكية بعنف غير مبالية بسماعه لها .. كانت قد وصلت إلى حالة لم تعد معها قادرة على التماسك أكثر .. لقد عرفت اليوم وهي تراقب محمود المحاط بالنساء بأنها تعشقه بجنون .. وأنها لن تستطيع العيش بدونه
وعندما شاهدت بأم عينها نظراته إلى نسرين أحست وكأن روحها تسحب من بين أضلعها .. هل يعرف محمود إلى أي حد جرحها ؟ هل يعرف كم أهانها وأذلها وطعنها في الصميم ؟
لم تعرف كم طال بها الزمن وهي حبيسة الحمام .. إلا أنها وبعد أن استنزفت دموعها كلها .. وأحست بأنها قد تحولت إلى جسد بلا روح .. أدركت بأنها يجب أن تخرج عاجلا أم آجلا .. تخلصت من الفستان الثمين ولفت نفسها بروب الحمام .. استجمعت شجاعتها وعادت إلى الغرفة مجددا لتجد محمود ما يزال مرتديا ملابسه باستثناء سترته وربطة عنقه
كان واقفا أمام النافذة ينظر بشرود عبرها إلى عائلة عمه التي وصلت لتوها .. اعتدل فور أن رآها .. ونظر إليها بطريقة جعلتها تدرك بأنه قد سمعها تبكي في الحمام
نظر إلى وجهها الأحمر وعينيها المنتفختين .. وفمها المتوتر .. وقال :- يجب أن تتحدثي إلى في النهاية يا نانسي .. يجب أن تخبريني بما حدث .. إن كان هناك من سبب لك الألم في الحفلة
قالت بجفاف :- وكأنك تهتم حقا بما يؤلمني .. لقد كدت تخدعني للحظة
توجهت إلى الخزانة لتخرج قميص نوم ترتديه ففوجئت به يقف ورائها ويديرها إليه قائلا بحدة :- لقد طفح الكيل يا نانسي .. لن أقبل بأن تقللي من احترامي .. كما لن أقبل بأن أرى زوجتي منهارة في مكان عام دون أن أعرف السبب .. أنت ستخبرينني حالا بما حدث
قاومت يديه قائلة بعنف :- أبعد يدك عني .. أنا أكرهك .. هل سمعت ..أكرهك ولا أحتمل لمستك .. أنت تقرفني وتثير اشمئزازي
برقت عيناه بغضب وهو يقول :- هل تقرفك حقا ؟ لم لا أختبر هذا بنفسي ؟
دفعها لتسقط فوق السرير وأمسك يديها قبل أن تضربه بهما .. وجثم فوقها يكتم فمها الصارخ بفمه .. قاومته بشراسة وكأنها قطة برية .. وكل جزء منها كان يصرخ رافضا له .. ابعد وجهه عنها ينظر إلى وجهها اللاهث .. إلى عينيها اللامعتين ووجنتيها المحمرتين من حرارة عراكهما .. نظر إلى شفتيها المتورمتين من فعل قبلاته .. ثم إلى الجزء المفتوح من روبها والذي كشف عن بعض جسدها .. وبلمح البصر كان غضبه قد انحسر بعيدا .. وحلت محله الرغبة العمياء وهو ينظر إلى وجهها مجددا ويقول هامسا :- لا تحاربيني يا نانسي .. أريدك .. أريد قلبك وجسدك .. أريدك راضية وسعيدة بين ذراعي ولو لمرة
همساته الحارة جعلت الدماء تفور في عروقها .. جعلت الجانب الضعيف فيها والمغرم به يتحرق شوقا لمنحه ما يريد .. تاقت إليه .. وإلى حنانه .. وإلى حبه الخالص .. وكأنه رأى بوادر الاستسلام في عينيها عاد يقبلها مجددا برقة وعاطفة جعلتها تذوب وترفع يديها لتمسك بكتفيه بقوة في تجاوب معه .. لقد كانت على وشك الاستسلام التام له ولحبه لو لم تسمع ذلك الصوت يشمت بها قائلا :- وهل أنت متأكدة بأنك أنت من يمارس الحب معها في هذه اللحظة ؟
كان هذا كافيا لها كي تستعيد صوابها .. وتتذكر بالضبط ما يجب ان تكرهه لأجله ..دفعته عنها بكل مل تملك من قوة وإرادة وهي تهتف بعنف :- اتركني أذهب أيها المنافق الكريه .. أنا أكرهك .. ولن أسمح لك بلمسي أبدا بإرادتي الحرة
زمجر غاضبا من تمردها المتأخر .. وقال بغضب :- فليكن بدونها إذن ..
أمسك طرفي روبها وأزاحهما عن بعضهما فوجدت نفسها تصيح بجنون :- ما الأمر يا محمود ؟ هل أثارتك نسرين الليلة إلى حد ما عدت معه بقادر على كبت رغباتك
أجفل محمود وهو ينظر إلى وجهها العنيف فقال متوترا :- ما الذي تقولينه ؟
لم تتردد أكثر وقد طفح بها الكيل .. صرخت به بانفعال :- هل كان إغرائها لك كبيرا لدرجة تدفعك لاغتصاب الزوجة المتاحة لك وقتما أحببت يا محمود ؟ .. هل وصل تأثيرها بك إلى هذا الحد ؟..
تراجع عنها منزعجا وهو يقول :- ما هذا الهراء الذي تتفوهين به ؟
جلست وقد سالت دموعها مجددا وهي تقول :- إياك أن تنكر .. لقد رأيتك تنظر إليها في الحفل .. لقد كنت تلتهمها بعينيك .. لم يغفل أحد عن الطريقة التي كنت تضاجعها فيها بنظراتك
مرر يده عبر شعره الكثيف وقد تلون وجهه وهو يقول بانزعاج :- أنت تتوهمين يا نانسي
وقفت تواجهه وهي تقول بوحشية :- انظر إلي يا محمود ..وإياك أن تكذب علي .. هل تنكر بأنكما كنتما تتغازلان علنا في ذلك الحفل ..هل تنكر بأنك كدت تأكلها بعينيك على بعد أمتار من زوجتك ؟ هل تنكر بأنك كنت تحدق بها برغبة جامحة دون اعتبار لما يقوله الناس عنك
ابتعد محمود عنها تماما وقد بدا عليه التوتر .. نظر إلى وجهها الثائر وأدرك بأن أعصابها على المحك .. ولكنه لم يستطع إلا أن يغمغم :- نسرين امرأة جميلة جدا يا نانسي .. وما أنا إلا رجل
اتسعت عيناها وقد ذهلت للحظات من اعترافه .. ثم بدون أن تفكر اندفعت نحوه تضربه بقبضتيها بعنف وهي تصرخ به باكية :- أيها الحقير المنافق الكريه .. ألم تفكر بي ..ألم تفكر بكلام الناس وسخريتهم بي .. أنا أكرهك ولن أسامحك أبدا على ما فعلته
أمسك بيديها ليوقفها عن ضربه وهو يقول :- اسمعيني يا نانسي .. دعيني أشرح لك
أفلتت يديها من قبضتيه وسدت أذنيها رافضة الاستماع إليه وهي تبكي مصدرة أصواتا كي لا تصلها كلمة مما يقول رافضة أي عذر منه .. فما كان منه إلا أن أبعد يديها مجددا وهو يقول بغضب :- لن تكبري أبدا يا نانسي .. لنرى إلى أين سيأخذك كبريائك السخيف هذا
ترك لها الغرفة صافقا الباب ورائه بعنف .. فانهارت على السرير وحيدة تبكي مجددا حبها اليائس وألمها الشديد الذي كتب عليه ألا ينتهي يوما