لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة
صفحة 2 من اصل 3 •
صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:14
تعمدت أبعاد نظرها وأفكارها عنه , وحاولت التركيز على تأمل الطبيعة وجمالها الساحر , أطاعتها عيناها , ولكن تفكيرها رفض الرضوخ لأوامر العقل . أبتعدت عنه قدر الأمكان , وعن نار جاذبيته واغرائه . ولكن الفراشة لاتقدر على الأبتعاد عن اللهب والأحتراق,
حتى ولو علمت مسبقا بالمصير المشؤوم الذي ينتظرها .تبا لهذه المشاعر المجنونة , وهذا التجاوب اللعين في احاسيسها الغبية !
كم تبعد ياترى المزرعة التي يقيم فيها اندريه عن حوض التماسيح ؟ لاشك في أنها ليست بعيدة أبدا , والا فكيف قامت صداقة بين الرجلين !ولكنها تمنت عكس ذلك تماما , لأنها لن تتحمل رؤيته بشكل متواصل . سوف تضطر لبذل جهود جبارة كي تتمكن من التحدث معه بلهجة مهذبة
فهي تكرهه وتنفر منه ومن تصرفاته . كذلك فأنها لن تقدر على مواجهته بدون ان تتذكر سحره ورجولته .
ضايقها تحليلها وأزعجها الى درجة كبيرة , فهي في طريقها الى الزواج من الرجل الذي احبته منذ صغرها ..... ومع ذلك فقد سمحت لنفسها ولمشاعرها بالأنجراف وراء أحلام وأوهام .
لم تكن لتصدق أبدا أنها ستتأثر الى هذا الحد بأي رجل غير جون . أشتاقت كثيرا ألى لمساته وحبه وحنانه , ولكنها لا تذكر انه أثارها مرة واحده مثلما فعل اليوم هذا الرجل المتعجرف القاسي .صعقت بقوة عندما تبين لها مدى انجذابها نحو اندريه كونورز . قد تعتبره اسوأ رجل في العالم , ومع ذلك فهي مضطره للأعتراف ضمنا بأنها شعرت معه بسعادة فائقة لم تكن لتحلم بها اطلاقا .
أين هي قوة أرادتها ؟ ستضعها الآن على المحك , فهذه فرصة لا تفوت للتأكيد من قدرتها وصلابتها , أنها التجربة الحقيقية الاولى في حياتها, وقد فرضت عليها فرضا ...... ومن واجبها الخروج منها منتصرة على مشاعر عابرة لاتدوم .
فتحت عينيها فجاة, فلاحظت أنهما يعبران طرقات جبلية وعرة وأن السهول الفسيحة التي كانت تمتد أمامها الى مسافات شاسعه قد أختفت تماما عن الأنظار , جبال عالية وأودية عميقة , وكل منعطف جديد يحمل معه مناظر خلابة اكثر من الذي سبق . كان واضحا أن أندريه سائق ماهر , يسيطر على شاحنته الضخمة بطريقة تثير الأعجاب وتدخل الطمأنينة الى النفس .
أستوت الطريق بعد قليل , وبدأت سالي تلاحظ كثافة المزروعات على الجانبين ....... فتأكد لها اقترابهما من حوض التماسيح . ولكن أندريه أوقف الشاحنه فجأة , وبصورة ادهشتها وأثارت أستغرابها , لم يقل شيئا , بل ضرب المقود بيديه ثم فتح بابه وقفز من الشاحنة . تطلعت سالي الى الأمام , فشاهدت جسرا صغيرا تندفع فوقه المياه بقوة وسرعه ....... بحيث لايمكن عبوره بدون مواجهة بعض الأخطار المحتمله, لحقت به وسألته بأنفعال :
" هل تشكل المياه مشكلة كبيرة ؟".
لم يرفع نظره عن الجسر , عندما اجابها :
" ألا ترين ؟".
قالت بلهجة هادئة , وكانها واثقة من قدرته على تخطي المشكلة :
" ولكن شاحنتك الكبيرة لن تتأثر بهذه الكمية القليلة من المياه " .
أدار وجهه نحوها للمرة الاولى منذ فترة طويلة . وسألها متهكما :
" هل انت خبيرة في هذه الأمور" .
لم تقدر على منع الأحمرار عن خديها , ولكنها تمكنت من التحديق بعينيه والقول له بتحد واضح: :
" لم اكن اتصور أن مشكلة بسيطة كهذه, قد تقف عائقا في وجهك " .
"من المؤكد أنها لن تعيقك أنت , لأنك من أولئك الأشخاص الذين يندفعون الى الأمام بتسرع وتهور ... وبدون التفكير بعواقب الأمور أو المخاطر " .
تجاهلت سخريته الاذعة وسألته بصوت يكاد يرتجف قلقا :
" هل ... هل تعتقد حقا ... بأن عبور هذا الجسر قد يشكل ... خطرا علينا ؟".
" لن أتأكد من ذلك ما لم اعرف عمق المياه " .
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:15
أقتطع غصنا كبيرا من شجرة قريبة , ثم انزله في الماء الى ان أرتطم بالجسر . ومع ان نظراته الغاضبه كانت كافية لمعرفة النتيجة , الا انها اصرت على سماع الجواب النهائي . سألته بتردد :
" هل يمكننا العبور ؟".
" كلا " .
صمتت لحظة , ثم سألته ثانية :
"ألا توجد طريق اخرى ؟".
ضحك فجأة وقال :
" الحياة مليئة بطرق اخرى " .
" يجب تجاوز هذا الجسر أذن , مهما كانت الظروف " .
" سنضطر لقطع مسافة تبلغ حوالي ثلاثمئة وخمسين كيلومترا ".
" مستحيل" !.
" هل لديك أي اقتراح اخر ؟".
" يمكنك المجازفة بعبور الجسر " .
" انسي هذه الفكرة كليا في الوقت الحاضر " .
تأكد لها من لهجته الحازمة أنه لن يعود عن قراره هذا , حتى تنحسر المياه الى المستوى الذي يقبل به . تأملته طويلا , ثم قالت له بصوت رقيق ناعم :
" انت خائف علي ؟".
" ها قد عدت لتوجيه المديح والأطراء الى نفسك , أيتها الهرة الشرسة , المتسللون لا يستحقون العناية والأهتمام من أحد , ما يهمني في المقام الاول هو سلامة معداتي " .
تألم قلبها من تلك الطعنة الحاقده التي وجهها اليها لسانه السليط , وشعرت برغبة جامحة لتوجيه صفعة قوية الى وجهه اللعين .
رددت كلمته الاخيرة بذهول بالغ :
" معداتك ؟ معداتك ؟".
" نعم , معداتي الموجوده تحت ذلك الغطاء السميك . هيا بنا " .
" لا ....".
ركضت وراءه وأمسكت بذراعه لمنعه من الصعود الى الشاحنه , قائلة :
" لدي فكرة لا بأس بها " .
أستدار نحوها , وقال لها بشيء من الجدية :
" حسنا , لنسمعها " .
" سأسير أمام الشاحنة وأرشدك الى الطريق " .
لم يسارع الى التهكم عليها , فشعرت بوجود بصيص من الامل واضافت بحماسه :
" انا قادرة على ذلك , يا اندريه ! صدقني , سأقدم على هذه الخطوة بدون أي تردد !".
" ألن تخافي ؟".
" لا , ابدا ! اوه بلى , سأخاف قليلا ...... ولكنني مستعده تماما للقيام بذلك " .
لمع في عينيه بريق لم تتمكن من تفسيره , مع أنه جعل جسمها يرتعش قليلا ونبضها يتسارع الى حد ما . ثم قال لها :
" أعتقد انك ستفعلين ذلك , فيما لو سمحت لك , ولكن الجواب سيظل على حاله , هيا بنا , يا سالي ."
اوه ! ناداها بأسمها الأول ولم يستخدم ذلك التعبير المزعج ...
الهرة الشرسة ! لا شك في أنها قالت شيئا أعجبه , أو تصرفت على نحو أرتاح اليه . أحست بدفء يغمر قلبها ومشاعرها , كنتيجة فورية لذلك التحول المافجئ في اسلوبه .... ونظراته .
أدار محرك الشاحنة بعد صعود سالي الى جانبه , ثم قام ببعض المناورات الذكية والجريئة في وسط الطريق وعلى جانبيها ألى أن أصبح الجسر وراءهما .سيعودان الآن الى ستريمز ليتحولا فيما بعد ألى طريق أخرى تسمح لهما بتجاوز هذا الجسر اللعين , لن تصل ألى حوض التماسيح الا في وقت متأخر جدا , أذ لا يمكن لشاحنة ضخمة كهذه قطع مسافة تزيد على ثلاثمئة كيلومتر بأقل من خمس ساعات ..... مهما كانت الطريق خالية والسائق ماهرا.
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:15
وفجأة, خطرت ببالها فكرة جديدة أزعجتها وضايقتها الى درجة كبيرة . كيف يمكن لرجل واع قدير مثل أندريه ألا ينتبه لأحوال الطرق التي يعرفها جيدا ؟سألته بهدوء يخفي قلقا وتوترا :
" ألم تكن تعلم بوجود ذلك الفيضان ؟".
" لا , فقد أبلغني الموظف المسؤول في الفندق بأن العبور ممكن " .
" ولكنك كنت تعرف أن أمطارا غزيرة هطلت في الأيام الماضية" !.
تأمل وجهها بعض الوقت , ثم قال لها :
" طبعا , ولكنني كنت غائبا عن المنطقة لأكثر من اسبوع . وثقت بكلام الموظف عندما أبلغني أن مستوى أرتفاع مياه النهر أنخفض الى نسبة تسمح بعبور الجسر .
كيف يمكنها مجادلة هذا الرجل وهو يتحدث بأسلوب منطقي متزن ؟ التهور لا يعني الشجاعة , والتطرف في المغامرة والمجازفة ليس دليلا على القوة والرجولة .لم تعلق بشيء على كلامه , اذ أنها بدأت تفكر بالرحلة الطويلة التي تنتظرها ابتداء من ستريمز . وما هي الا لحظات حتى تحول أندريه بشاحنته عن الطريق الرئيسية الى اخرى جانبيه ترابية , سألته سالي, وهي تعلو وتهبط بسبب الارتجاجات القوية المتواصلة :
"هل هذه هي الطريق التي سنستخدمها لتجاوز الجسر".
" نعم , ألست سعيدة لأنك جالسة عوضا عن التمدد على ظهر الشاحنة ؟".
لم تكن بحاجة لتوجيه سؤالها , كي تعلم مدى العذاب الذي كانت ستواجهه فيما لو سمح لها بالصعود ألى ظهر الشاحنة ,لكن سخريته اللاذعة لم تكن ضرورية ابدا ! لا شك في أنها أخطأت كثيرا في تقييمها لهذا الرجل , عندما كانا قرب الجسر , فهو بعيد كل البعد عن الانسانية والرقة والنعومة,ولا يستحق ألا الأحتقار !انه قاس ومتسلط ومتعجرف , وقادر على ان يكون فظا ومتوحشا للغاية في اعماله وتصرفاته !
لاحظت سالي أنه يركز نظره وأهتمامه على الطريق الوعرة , ومع ذلك فقد احست انه يقرأ أفكارها ويعرف حقيقة مشاعرها .لا , لن تسمح له بذلك مهما كلف الامر . قررت الرد عليه ولو بعد حين , فرفعت رأسها وقالت :
" لا فرق عندي بين الجلوس هنا أو على ظهر الشاحنة " .
ضحك بتلك الطريقة المغرية التي اصبحت مألوفة لديها, وقال :
" طفلة صغيرة , تأكدي من حسن تصرفك ,أيتها الهرة الشرسة وألا فقد تجدين نفسك مرة أخرى تحت ذلك الغطاء السميك " .
ها أنه يعود الى هذه التسمية المزعجة ! ولكن ... هل هي حقا مزعجة وتثير أعصابها وأشمئزازها لا ؟ فالغريب في الأمر أنها بدأت تعجبها الى حد ما .... مع انها لن تدعه يعرف ذلك اطلاقا .
أدارت وجهها نحو النافذه, وراحت تتأمل تلك الحقول الخضراء التي تمتد الى ما لا نهاية .
المناظر الطبيعية خلابة وتدخل البهجة والسرور الى القلوب الحزينة المعذبة , ولكن الوحدة بشعة مؤلمة وتذكر الأنسان بأنه معزول وغريب .لم تشاهد جرارا زراعيا أو مزارعا , ولم تسمع غناء راع ثغاء شاة . هل سيتابع طريقة بدون توقف , أم سيمضيان الليل في فندق صغير ليواصلا الرحلة صباح اليوم التالي ؟ وأذا قرر ذلك , فكيف سيكون رد فعل جون على وجودها وحيدةمع أندريه ؟ انه رجل واع ومنطقي , ومن المؤكد انه سيتفهم وضعها ومشكلتها .
ولكن الطريق أزدادت وعورة , وتضاءلت معها الى درجة مرعبة أحتمالات ايجاد فندق يبيتان فيه حتى الصباح , احست بتوتر شديد في أعصابها , فاق الى حد كبير الأرهاق العاطفي الذي تعاني منه .ألتفتت نحو أندريه مرتين لتوجه أليه سؤالا بسيطا للغاية , ولكنها لم تتمكن في أي منهما من حمل نفسها على ذلك .سيجيبها بسخريته المعهودة , وبطريقة لا تمكنها من الرد عليه , صممت سالي على البقاء صامتة الى ان تعرف ماذا سيفعل , وعندها فقط ستتخذ القرارات المناسبة .
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:15
ظهرت الجبال مرة أخرى أمام عينيها المتعبتين , ولم يبد بعد أي اثر لقرية أو بيت أو ... أنسان فأزداد قلقها وارتباكها نقباضها ,ألم يكن من الأفضل لها البقاءفي ستريمز حتى يوم غد ؟ اللعنة على تسرعها , وعلى قرارها الأرعن بالتسلل الىشاحنة اندريه !لم تتبادل وأياه أي حديث على الأطلاق , منذ تلك الكلمات القليلةالقاسية حول المقارنة بين مقعد الشاحنة وظهرها,
ولكنها كانت تشعر بين الحينوالأخر أنه ينظر اليها خلسة ... ويسخر من قلقها وانزعاجها .غابت الشمس وبدأتجيوش الظلام تزحف بسرعه , فيما اخذت فلول النهار تتراجع ... وتختفي عن الأنظار .أوقف أندريه الشاحنة فجأة ثم فتح بابه وتطلع نحو سالي بعينين سوداوين براقتين . قالت لنفسها أنه يريد أعادة النشاط والحيوية الى رجليه اللتين اتعبتهما بالتأكيدقيادة شاحنة كبيرة مقل هذه المسافة الطويلة.....وألا فما من سبب آخر يدفعه الى التوقف فيهذا المكان بالذات ! ولكنها أحست بغصة عندما راته يوقف المحرك وينزل من الشاحنة,تظاهرت بانها لا تشعر بأي انفعال او ... خوف , وقالت بهدوء :
"أستغرب توقفنا فيهذه المنطقة المهجورة ".
"حقا ؟ أعتقد أنها أختيار مناسب للغاية , أذ فيها كلشيء نحتاج اليه ... بما في ذلك مياه الشرب الصافية , التي يمكن استخدامها لأعدادالشاي ... والأغتسال " .
"تعني .... تعني اننا .... لا .....".
اختنقت الكلمات فيحلقها , فقال لها ما كانت تخاف منه وتخشاه:
"سنمضي الليلة هنا , يا صغيرتي . هيا أنزلي وتحركي قليلا. "
" لا ! لا , لن امضي الليلة هنا !".
لم يأبه للهجةالتحدي القاسية , وسألها ببرودة :
"هل تعرفين مكانا أفضل من هنا ؟".
"أي فندقمع غرفتين منفصلتين " .
قال لها بكثير من الهدوء والأرتياح , وكأنه يتمتع بذعرهاوعذابها :
"كلمة فندق غير معروفة في هذه الأدغال والبراري " .
"ولكن ... ولكنجون سيشتعل غيظا وحنقا " .
"هذا أمر يتعلق بكما , أنت وحبيبك , أنا لم اطلب منكأو أسمح لك بمرافقتي . سأتمشى قليلا قبل العشاء . اذا اردت التحرك قليلا , فهيابسرعه وبدون تردد " .
لاحظت سالي انه لم ينتظرها او يعر رغباتها أي أهتمام علىالاطلاق , فتأكد لها ان أي محاولة للأعتراض أو الأحتجاج ستكون عقيمة وفاشلة , لحقتبه رغما عنها .فرجلاها بحاجة للرياضه والبقاء على أنفراد أصعب بكثير من وجودهامع .... أي شخص آخر ..... حتى اندريه كونورز!كان الصمت مطبقا ورهيبا , بعد توقفالمحرك ,ولم يقطعه ألا صراخ طائر وحيد حلق فوقهما برهة ..... ثم أختفى . لماذا لمتختف معههذه الأفكار السوداء التي تضج في رأسها وعقلها... .. وقلبها ؟
لم تعدخائفة مما سيقوله جون , لأنه انسان عاقل وحكيم ..... ومستعد لتفهم الأمور على حقيقتها . ولكنها خائفة من نفسها , ومن هذا الرجل الذي يلهب مشاعرها ويثير احاسيسها ! ماذاسيفعل ؟ وكيف سيتصرف ؟هل سيحاول التحرش بها , وهي في هذا الوضع الضعيف الذي لايسمح لها بالدفاع عن نفسها ؟ لا , لا يمكن للرجل الذي أنقذها من مارني كروجر انيتصرف مثله ! ومع ذلك , فعليها أخذ جانب الحيطة والحذر ...
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:21
وصلا الى جدول تتدفق منه المياه الصافية النقية , لتتجمع في بركة صغيرة تحيط بها الصخور والأشجار . دهشتعندما شاهدت أندريه ينحني فوق الماء ليشرب ويغسل وجهه ويديه . سألته عما اذا كانتالمياه نظيفة فقال لها :
"تماما . جربيها " .
كانت الدعوة مغرية الى حد كبير . ولكن خوفها من الأمراض التي تنجم عن شرب المياه غير المعقمة في مثل هذه المناطقالحارة جعلها تحجم عن تلبية الدعوة .سألته عن أحد هذه الأمراض , وهوالبلهارسية , فأبتسم وقال :
" انت محقه في تخوفك من هذا الداء بالذات , ويسرنيأنك تعرفين عنه وتحاولين تجنبه . ولكن هذا الجدول بالذات خال تماما من أي امراضا أوأوبئة .
لم يعد ثمة داع لتوجيه سؤال آخر , فهو رجل لا يقول شيئا ما لم يتأكد منه .....ولا يقدم على أي خطوة أذا كان يشك في صحتها أو سلامتها . شعرت بأرتياح كبيرعندما غسلت وجهها وذراعيها بتلك المياه الباردة المنعشة , وقالت له ممازحة :
"أنني أتضور جوعا , يا أندريه , وآمل في ان يكون المطعم القريب مزودا بأطيب المأكولاتوأشهاها . "
أمسك بعنقها قائلا :
" أنك أكثر المتسللين الذين أعرفهم جسارةوتطلبا ".
نسيت أرتياحها ومرحها , وقالت له بصوت مخنوق :
"حقا ؟".
"وأجملهمأيضا ".
حرمتها قساوته من بهجة التمتع بتلك الجملة الرائعة , فكررت القول أنهاجائعه الى درجة كبيرة , ابتسم وقال لها :
"حسنا , فأنت تستحقين ذلك لأنك واجهت هذهالرحلة الشاقة حتى الآن بشجاعة وقوة . ولكنك تشعرين أن من واجب الآخرين السهر علىراحتك وخدمتك , اليس كذلك ؟".
أبعدت رأسها عنه بهدوء وروية كيلا تغضبه, ثم سألتهبلهجة صادقة :
"لماذا تكرهني يا سيد كونورز ؟".
"يبدو أنك تحبين التمثيلالمأساوي , أنا لا أكرهك , يا صغيرتي وقد قلت لك ذلك امس ".
" ولكنك لا تعتبرني زوجةمناسبة لجون !".
" تماما".
لاحظ غيظها وانفعالها, فمضى الى القول :
- لا داع لأستخداممخالبك , أيتها القطة الصغيرة ففكرتي هذه لن يغيرها أي شيء ستقولينه لي . والآن ... ماذا تفضلين للعشاء ؟ اللحم المشوي أم المقلي أم المطبوخ ؟".
- ✎ مساهماتي : 601
- $ نقاطي : 19709
- ✿ الاعجابات : 54
- ♥ عمري : 23
- ✔ تسجيلي : 09/08/2014
.14/3/2015, 20:38
4- شاحنة الغرام
لم تجبه ، فكرر السؤال بلهجة جدية وحازمة ،قالت له أنها مستعدة لكي تأكل طعام موجود أو يسهل إعداده ، لكنه أصرعلى معرفة النوع الذي تريده ، فأختارت اللحم المشوي .
راقبته سالي بعينين غاضبتين وهو يتوجه إلى شاحنته لأحضار ما يلزم ، وتمنت لو أنه ليس ذكيا وعمليا إلى هذه الدرجة . لا بد لها من الإعتراف رغما عنها بأنه واثق جداً من نفسه ويعرف تماما كيف يواجه كافة الأمور ويسيطر عليها.لاشك في أنه قادر على التحكم بكل شيء يتعلق به .....كشاحنته وحصانه و... ..وحتى النساء في حياته !
ومن المؤكد أن لديه تاريخاً حافلاُ في هذا المضمار ، فاسلوبه الناجح في معاملة المرأة يثبت
ذلك بشكل قاطع ، ولكن ....ألا يمكن مثلاً أن يكون متزوجاً ؟ وإذا صح هذا الأمر ، فمن هي تلك الغبية المسكينة التي رضيت بالزواج منه ؟
جمع بعض الأحجار المختلفة الأحجام ، وأعد منها موقداً صغيراً , ثم اشعل النار . بينما كانت سالي تسأل نفسها : لماذا يثبت لها بأنه قادر على فعل أي شيء ؟ لماذا يتحداها بقدرته ورجولته ؟ ما الذي يخفيه وراء شخصيته الغامضة ؟ أنها لا تعرف عنه شيئاً حتى الآن ، هل هو عامل بسيط ؟ هل يملك مزرعة ؟ لاشك في ذلك ، فهو من أولئك الرجال الذين لا يقبلون بسيطرة الآخرين عليهم .
ستعرف كل شيء عنه ، بعد وصولها غداً إلى حوض التماسيح .سيطلعها جون على كافة التفاصيل التي تريدها .ولكن .....هل ستظل مهتمه به غداً كما هي اليوم , لا ، لا يمكن ففرحها بلقاء خطيبها بعد هذا الغياب الطويل سينسيها أندريه كونورز وجاذبيته اللعينة .ستخصّص معظم وقتها وطاقتها استعداداً لزواج مبكر عاجل ، بحيث تزول أهمية أندريه ويتحول إلى مجرد
شخص أوصلها ألى خطيبها .
أوه ! متى سيأتي هذا الغد البعيد ؟ إلى متى ستظل اللحظات الحالية الواقع الوحيد في حياتها وكأنه فترة زمنية لا تعرف بدايتها او نهايتها ؟ اللعنة ! ما بالها لا تفكر إلا به ؟ هزت رأسها بعصبية بالغة ، علها تتمكن من التفكير بأي شيء آخر .
رفع أندريه رأسه نحوها في تلك اللحظة بالذات ، فأرتعش جسمها وضعفت ركبتاها . بدائيته ....شراسته ...... وسامته .....جاذبيته ......نظراته .....أجتمعت كلها خلال نظرة واحدة ، فأثارتها وأذابتها . ابتسم وكأنه يشعر بما تعانيه ، ثم قال :
" العشاء جاهز " .
استعادت أنفاسها بصعوبة ، وقالت :
" شكراً ......شكراً لك ".
" ماهذه الرسميات فجأة يا صغيرتي ؟".
" ليست رسميات ، بل مجرد تهذيب . "
" وهل هو التهذيب أيضاُ الذي يجعلك تجلسين بعيدة عني إلى هذا الدرجة ؟ لديّ أقتناع شبه راسخ بأنك تخافين مني " .
طعنت أنوثتها وكرامتها حتى الصميم ، وقالت له بحدة فائقة :
"أندريه كونورز ! أنت رجل لا يطاق بشكل لم أعرف له مثيلاً في حياتي !".
قال لها بنبرة لا تدل على أي شعور بالندم :
" يبدو أنك كنت مرتبطة بمعسولي الألسنة فقط ".
حاولت أجابته على الفور ، فتابع قائلاً :
" لا تقلقي أيتها الهرة فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة مشاكلك . هل تعجبك رائحة اللحم المشوي ؟".
تمتمت بلهجة قاسية وعنيفة :
" إنها تكاد تخنقني".
أرتعشت عندما سمعت تلك الضحكة الخفيفة ، التي تثير أعصابها وتلعب بمشاعرها .
أكلت أول قطعة ، وهي تعلن هذا الرجل الكريه والطعام الذي أعده! لو لم تكن خائرة القوى بسبب الجوع الرهيب ، لما أكلت أو سمحت لنفسها حتى بالإقتراب من هذا الطعام .ولكنها لم تأكل شيئاً منذ الليلة السابقة ، ولن تتمكن من تناول أي طعام صباح اليوم التالي .
كان العشاء شهياً للغاية ! لا بد لها من الأعتراف بذلك ، على الرغم من العداء الذي تكنه نحو هذا الرجل . كمية اللحم التي قدمها لها ، تكفي شخصين جائعين ...... وبخاصة لأنه أضاف إليها ثلاثة أنواع من الخضار ، وأتبعها بفنجان كبير من القهوة الطازجة وقطعة من الحلوى . إنه حقاً ماهر في كل عمل يقوم به ، وكل خطوة يقدم عليها .
تقييم المساهمة: 100% (1)
صفحة 2 من اصل 3
صفحة 2 من اصل 3 • 1, 2, 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الملخص
أصعب وأقسى الأزمات القلبية تقع حين يكون القلب مفعما بالحب,ولكن ضائعامحتارا لايعرف من يحب.
سالي في الثالثة والعشرين من عمرها احبت جون منذطفولتها,وعندما سافر الى افريقيا ليعمل طبيبا بيطريا...عاشت على رسائلهاليومية,وانتظرت يوم زواجهما بفارغ الصبر.ولكن بعد سنة خفت الرسائل الى درجةاقلقتها, فتركت اهلها وسافرت الى منطقة حوض التماسيح .الطريقالى هناك وعرة مليئة بالأخطار ... غابات ووديان موحشةتسكنها الوحوش الضارية ..بحثت سالي عن وسيلة تنقلها الى جون ولكن دون جدوى...وفجأةصادفت شاحنة صعدتاليهاواختبأت...وبعد مسافة طويلة اكتشفها السائق اندريه كونورز واعتبرها متسللة وهددهابعقاب وخيم,الا ان رحلة الرعب عبر غابات حارقة انتهت بوقوع قلب سالي قي أزمةخانقة.انها لاشك عاشقة,قلبها مفعمبالحب...انها لاتنام الليل...احلامها واوهامها تقض مضجعها. هي سعيدة وحزينة... حرةوسجينة,اندريه كونورز اهانها وأذهلها الى درجة مزقت عزة نفسها وهي لايمكن ان تكونغارقة في حبه.